الثالث : الاستعانة ، وهى الداخلة على آلة الفعل ، نحو «كتبت بالقلم» و «نجرت بالقدوم» قيل : ومنه [باء] البسملة ؛ لأن الفعل لا يتأتّى على الوجه الأكمل إلا بها.
الرابع : السببية ، نحو (إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ) (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ) ومنه : لقيت بزيد الأسد ، أى بسبب لقائى إياه ، وقوله :
١٤٥ ـ قد سقيت آبالهم بالنّار |
|
[والنّار قد تشفى من الأوار] |
أى أنها بسبب ما وسمت به من أسماء أصحابها يخلّى بينها وبين الماء.
الخامس : المصاحبة ، نحو (اهْبِطْ بِسَلامٍ) أى معه (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ) الآية.
وقد اختلف فى الباء من قوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) فقيل : للمصاحبة ، والحمد مضاف إلى المفعول ، أى فسبحه حامدا له ، أى نزّهه عما لا يليق به ، وأثبت له ما يليق به ، وقيل : للاستعانة ، والحمد مضاف إلى الفاعل ، أى سبّحه بما حمد به نفسه ؛ إذ ليس كل تنزيه بمحمود ، ألا ترى أن تسبيح المعتزلة افتضى تعطيل كثير من الصفات.
واختلف فى «سبحانك اللهمّ وبحمدك» فقيل : جملة واحدة على أن الواو زائدة ، وقيل : جملتان على أنها عاطفة ، ومتعلّق الباء محذوف ، أى وبحمدك سبّحتك ، وقال الخطّابى : المعنى وبمعونتك التى هى نعمة توجب علىّ حمدك سبّحتك ، لا بحولى وقوتى ، يريد أنه مما أقيم فيه المسبّب مقام السبب ، وقال ابن الشّجرى فى (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) : هو كقولك «أجبته بالتّلبية» أى فتجيبونه بالثناء ؛ إذ الحمد الثناء ، أو الباء للمصاحبة متعلقة بحال محذوفة ، أى معلنين بحمده ، والوجهان فى (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ).