فلان فولد له» إذا لم يكن بينهما إلا مدّة الحمل ، وإن كانت متطاولة ، و «دخلت البصرة فبغداد» إذا لم تقم فى البصرة ولا بين البلدين ، وقال الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) وقيل : الفاء فى هذه الآية للسببية ، وفاء السببية لا تستلزم التّعقيب ، بدليل صحة قولك «إن يسلم فهو يدخل الجنة» ومعلوم ما بينهما من المهلة ، وقيل : تقع الفاء تارة بمعنى ثمّ ، ومنه الآية ، وقوله تعالى (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) فالفاءات فى فخلقنا العلقة مضغة ، وفى فخلقنا المضغة ، وفى فكسونا بمعنى ثمّ ؛ لتراخى معطوفاتها ، وتارة بمعنى الواو ، كقوله
*بين الدّخول فحومل* [٢٦٦]
وزعم الأصمعىّ أن الصواب روايته بالواو ؛ لأنه لا يجوز «جلست بين زيد فعمرو» وأجيب بأن التقدير : بين مواضع الدخول فمواضع حومل ، كما يجوز «جلست بين العلماء فالزهّاد» وقال بعض البغداديين : الأصل «ما بين» فحذف «ما» دون بين ، كما عكس ذلك من قال :
٢٦٧ ـ *يا أحسن النّاس ما قرنا إلى قدم (١)*
أصله ما بين قرن ؛ فحذف بين وأقام قرتا مقامها ، ومثله (ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) قال : والفاء نائبة عن إلى ، ويحتاج على هذا القول إلى أن يقال : وصحت إضافة بين إلى الدخول لاشتماله على مواضع ، أو لأن التقدير بين مواضع الدخول ، وكون الفاء للغاية بمنزلة إلى غريب ، وقد يستأنس له عندى بمجىء عكسه فى نحو قوله :
٢٦٨ ـ وأنت الّتى حبّبت شغبا إلى بدا |
|
إلىّ ، وأوطانى بلاد سواهما |
إذ المعنى شغبا فبدا ، وهما موضعان ، ويدل على إرادة الترتيب قوله بعده :
__________________
(١) جعل ابن الملا هذا الشاهد صدر بيت ؛ وروى عجزه هكذا :
يا أحسن الناس ما قرنا إلى قدم |
|
ولا حبال محب واصل تصل |