لكأنّ ، وزعم جماعة منهم ابن السيّد البطليوسىّ أنه لا يكون إلا إذا كان خبرها اسما جامدا نحو «كأنّ زيدا أسد» بخلاف «كأنّ زيدا قائم ، أو فى الدار ، أو عندك ، أو يقوم» فإنها فى ذلك كله للظّنّ.
والثانى : الشك والظن ، وذلك فيما ذكرنا ، وحمل ابن الأنبارى عليه «كأنّك بالشتاء مقبل» أى أظنه مقبلا.
والثالث : التحقيق ، ذكره الكوفيون والزجاجى ، وأنشدوا عليه :
٣١٢ ـ فأصبح بطن مكّة مقشعرّا |
|
كأنّ الأرض ليس بها هشام |
أى لأن الأرض ؛ إذ لا يكون تشبيها ، لأنه ليس فى الأرض حقيقة.
فإن قيل : فإذا كانت للتحقيق فمن أين جاء معنى التعليل؟
قلت : من جهة أن الكلام معها فى المعنى جواب عن سؤال عن العلّة مقدر ؛ ومثله (اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ).
وأجيب بأمور ، أحدها : أن المراد بالظرفية الكون فى بطنها ، لا الكون على ظهرها ، فالمعنى أنه كان ينبغى أن لا يقشعر بطن مكة مع دفن هشام فيه ، لأنه لها كالغيث.
الثانى : أنه يحتمل أن هشاما قد خلف من يسدّ مسدّه ، فكانه لم يمت.
الثالث : أن الكاف للتعليل ، وأنّ للتوكيد ، فهما كلمتان لا كلمة ، ونظيره (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) أى أعجب لعدم فلاح الكافرين.
والرابع : التقريب ، قاله الكوفيون ، وحملوا عليه «كأنك بالشتاء مقبل ، وكأنك بالفرج آت ، وكأنك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل» وقول الحريرى (١) :
٣١٣ ـ كأنّى بك تنحّط |
|
[إلى اللّحد وتنغّط] |
__________________
(١) فى المقامة الحادية عشرة (الساوية)