وقال المبرد : التقدير قل لهم أقيموا يقيموا ، والجزم فى جواب أقيموا المقدر ، لا فى جواب قل.
ويردّه أن الجواب لا بد أن يخالف المجاب : إما فى الفعل والفاعل نحو «ائتنى أكرمك» أو فى الفعل نحو «أسلم تدخل الجنة» أو فى الفاعل نحو «قم أقم» ولا يجوز أن يتوافقا فيهما ، وأيضا فإن الأمر المقدّر للمواجهة ، ويقيموا للغيبة (١).
وقيل : يقيموا مبنى ؛ لحلوله محل أقيموا وهو مبنى ، وليس بشىء.
وزعم الكوفيون وأبو الحسن أن لام الطلب حذفت حذفا مستمرا فى نحو قم واقعد ، وأن الأصل لنقم ولتقعد ، فحذفت اللام للتخفيف ، وتبعها حرف المضارعة.
وبقولهم أقول ؛ لأن الأمر معنى حقّه أن يؤدى بالحرف ، ولأنه أخو النهى ولم يدلّ عليه إلا بالجرف ، ولأن الفعل إنما وضع لتقييد الحدث بالزمان المحصل ، وكونه أمرا أو خبرا خارج عن مقصوده ، ولأنهم قد نطقوا بذلك الأصل كقوله :
٣٧٦ ـ لنقم أنت يا ابن خير قريش |
|
[كى لتقضى حوائج المسلميا] [ص ٥٥٢] |
وكقراءة جماعة (فبذلك فلتفرحوا) وفى الحديث «لتأخذوا مصافّكم» ولأنك تقول : اغز واخش وارم ، واضربا واضربوا واضربى ، كما تقول فى الجزم ، ولأن البناء لم يعهد كونه بالحذف ، ولأن المحققين على أن أفعال الإنشاء مجردة عن الزمان كبعت وأقسمت وقبلت ، وأجابوا عن كونها مع ذلك أفعالا بأن تجرّدها عارض لها عند نقلها عن الخبر ، ولا يمكنهم إدعاء ذلك فى نحو قم ، لأنه ليس له حالة غير هذه ، وحينئذ فتشكل فعليّته ، فإذا ادعى أن أصله «لتقم» كان الدال على الإنشاء اللام لا الفعل.
__________________
(١) الأمر المقدر هو أقيموا ، وهو للمواجهة كما هو ظاهر ، والجواب المذكور هو يقيموا ، وهو للغيبة ، ولا يصلح أن يكون جوابا لذلك المقدر ؛ إذ لو أريد جوابه مقيل تقيموا ، إذ لا تجاب المواجهة بالغيبة والفاعل واحد.