واعلم أن مفعول (يُشْعِرُكُمْ) الثانى ـ على هذا القول ، وعلى القول بأنها بمعنى لعل ـ محذوف ، أى إيمانهم ، وعلى بقية الأقوال أنّ وصلتها.
الموضع الرابع : (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) فقيل : لا زائدة ، والمعنى ممتنع على أهل قرية قدرنا إهلاكهم أنهم يرجعون عن الكفر إلى قيام الساعة ، وعلى هذا فحرام خبر مقدم وجوبا ؛ لأن المخبر عنه أن وصلتها ، ومثله (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ) لا مبتدأ وأن وصلتها فاعل أغنى عن الخبر كما جوزه أبو البقاء ؛ لأنه ليس بوصف صريح ، ولأنه لم يعتمد على نفى ولا استفهام ، وقيل : لا نافية ، والإعراب إمّا على ما تقدم ، والمعنى ممتنع عليهم أنهم لا يرجعون إلى الآخرة ، وإما على أن حرام مبتدأ حذف خبره ، أى قبول أعمالهم ، وابتدىء بالنكرة لتقييدها بالمعمول ، وإما على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، أى والعمل الصالح حرام عليهم ، وعلى الوجهين فأنّهم لا يرجعون تعليل على إضمار اللام ، والمعنى لا يرجعون عما هم فيه ، ودليل المحذوف ما تقدم من قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ) ويؤيدهما تمام الكلام قبل مجىء أن فى قراءة بعضهم بالكسر.
الموضع الخامس : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ ، وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ، وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) قرىء فى السبعة برفع (يَأْمُرَكُمْ) ونصبه ، فمن رفعه قطعه عما قبله ، وفاعله ضميره تعالى أو ضمير الرسول ، ويؤيد الاستئناف قراءة بعضهم (ولن يأمركم) و (لا) على هذه القراءة نافية لا غير ، ومن نصبه فهو معطوف على (يُؤْتِيَهُ) كما أن (يَقُولَ) كذلك ، و (لا) على هذه زائدة مؤكّدة لمعنى النفى السابق ، وقيل : على (يَقُولَ) ولم يذكر الزمخشرى غيره ، ثم جوز فى (لا) وجهين ، أحدهما : الزيادة ، فالمعنى ما كان