الثالث : أن يكون «ماذا» كله استفهاما على التركيب كقولك «لماذا جئت؟» وقوله :
٤٩٨ ـ يا خزر تغلب ما ذا بال نسوتكم |
|
[لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا؟] |
وهو أرجح الوجهين فى الآية فى قراءة غير أبى عمرو (قُلِ الْعَفْوَ) بالنصب ، أى ينفقون العفو.
الرابع : أن يكون «ماذا» كله اسم جنس بمعنى شىء ، أو موصولا بمعنى الذى ، على خلاف فى تخريج قول الشاعر :
٤٩٩ ـ دعى ما ذا علمت سأتّقيه |
|
ولكن بالمغيّب نبّئينى [ص ٣٠٢] |
فالجمهور على أن «ماذا» كله مفعول دعى ، ثم اختلف فقال السيرافى وابن خروف : ما موصول بمعنى الذى ، وقال الفارسى : نكرة بمعنى شىء ، قال : لأن التركيب ثبت فى الأجناس دون الموصولات.
وقال ابن عصفور : لا تكون ما ذا مفعولا لدعى ؛ لأن الاستفهام له الصدر ، ولا لعلمت ؛ لأنه لم يرد أن يستفهم عن معلومها ما هو ، ولا لمحذوف يفسره سأتقيه ؛ لأن علمت حينئذ لا محل لها ، بل ما اسم استفهام مبتدأ ، وذا موصول خبر ، وعلمت صلة ، وعلّق دعى عن العمل بالاستفهام ، انتهى.
ونقول : إذا قدرت «ماذا» بمعنى الذى أو بمعنى شىء لم يمتنع كونها مفعول دعى ، وقوله «لم يرد أن يستفهم عن معلومها» لازم له إذا جعل ما ذا مبتدأ وخبرا ، ودعواه تعليق دعى مردودة بأنها ليست من أفعال القلوب ، فإن قال : إنما أردت أنه قدر الوقف على دعى فاستأنف ما بعده ردّه قول الشاعر «ولكن» فإنها لا بد أن يخالف ما بعدها ما قبلها ، والمخالف هنا دعى ، فالمعنى دعى كذا ، ولكن افعلى كذا ، وعلى هذا فلا يصح استئناف ما بعد