وليست هذه بمعنى الذى ؛ لأن الذى سقاه لهم الغنم ، وإنما الأجر على السّقى الذى هو فعله ، لا على الغنم ، فإن ذهبت تقدر أجر السقى الذى سقيته لنا فذلك تكلف لا محوج إليه ، ومنه (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) (آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ) وكذا حيث اقترنت بكاف التشبيه بين فعلين متماثلين.
وفى هذه الآيات ردّ لقول السهيلى : إن الفعل بعد «ما» هذه لا يكون خاصا ؛ فتقول «أعجبنى ما تفعل» ولا يجوز «أعجبنى ما تخرج».
والزمانية نحو (ما دُمْتُ حَيًّا) أصله مدّة دوامى حيّا ، فحذف الظرف وخلفته «ما» وصلتها كما جاء فى المصدر الصريح نحو «جئتك صلاة العصر» و «آتيك قدوم الحاج» ومنه (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ) (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقوله :
٥٠٤ ـ أجارتنا إنّ الخطوب تنوب |
|
وإنّى مقيم ما أقام عسيب |
ولو كان معنى كونها زمانية أنها تدل على الزمان بذاتها لا بالنيابة لكانت اسما ولم تكن مصدرية كما قال ابن السكيت وتبعه ابن الشجرى فى قوله :
٥٠٥ ـ منّا الّذى هو ما إن طرّ شاربه |
|
والعانسون ومنّا المرد والشّيب |
معناه حين طرّ ، قلت : وزيدت إن بعدها لشبهها فى اللفظ بما النافية كقوله :
ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته |
|
على السّنّ خيرا لا يزال يزيد [٢٧] |
وبعد فالأولى فى البيت تقدير ما نافية ؛ لأن زيادة إن حينئذ قياسية ، ولأن فيه سلامة من الإخبار بالزمان عن الجثة ، ومن إثبات معنى واستعمال لما لم يثبتا له ـ وهما كونها للزمان مجردة ، وكونها مضافة ـ وكأن الذى صرفهما عن هذا الوجه مع ظهوره أن ذكر المرد بعد ذلك لا يحسن ؛ إذ الذى لم ينبت شاربه أمرد ، والبيت عندى فاسد التقسيم بغير هذا ، ألا ترى أن العانسين ـ وهم الذين لم يتزوجوا ـ لا يناسبون بقية الأقسام ، وإنما العرب محميّون من الخطأ فى الألفاظ دون المعانى. وفى البيت