فصار تؤمره ، ثم حذفت الهاء كما حذفت فى (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) وهذا تقرير ابن جنى.
وأما (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) فما شرطية ، ولهذا جزمت ، ومحلها النصب بننسخ وانتصابها إما على أنها مفعول به مثل (أَيًّا ما تَدْعُوا) فالتقدير أى شىء ننسخ ، لا أى آية ننسخ ؛ لأن ذلك لا يجتمع مع (مِنْ آيَةٍ) وإما على أنها مفعول مطلق ؛ فالتقدير : أى نسخ ننسخ ، فآية مفعول ننسخ ، ومن زائدة ، وردّ هذا أبو البقاء بأن «ما» المصدرية لا تعمل ، وهذا سهو منه ، فإنه نفسه نقل عن صاحب هذا الوجه أن ما مصدر بمعنى أنها مفعول مطلق ، ولم ينقل عنه أنها مصدرية.
وأما قوله : تعالى (مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ) فما محتملة للموصوفة أى شيئا لم نمكنه لكم ، فحذف العائد ، وللمصدرية الظرفية ، أى أن مدة تمكنهم أطول ، وانتصابها فى الأول على المصدر ، وقيل : على المفعول به على تضمين مكنا معنى أعطينا ، وفيه تكلف.
وأما قوله تعالى (فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ) فما محتملة لثلاثة أوجه ، أحدها : الزيادة ، فتكون إما لمجرد تقوية الكلام مثلها فى (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ) فتكون حرفا باتفاق ، وقليلا فى معنى النفى مثلها فى قوله :
*قليل بها الأصوات إلّا بغامها* [١٠٤]
وإما لإفادة التقليل مثلها فى «أكلت أكلامّا» وعلى هذا فيكون تقليلا بعد تقليل ، ويكون التقليل على معناه ، ويزعم قوم أن «ما» هذه اسم كما قدمناه فى (مَثَلاً ما بَعُوضَةً) والوجه الثانى : النفى ، وقليلا : نعت لمصدر محذوف ، أو لظرف محذوف ، أى إيمانا قليلا أو زمنا قليلا ، أجاز ذلك بعضهم ، ويرده أمران : أحدهما أن ما النافية لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها ، ويسهل ذلك شيئا ما على تقدير