وإنما هما فى الأصل صفتان للزمان ؛ إذ معنى «جئت قبلك» جئت زمنا قبل زمن مجيئك ؛ فلهذا سهل ذلك فيهما ، وزعم ابن مالك أنها زائدة ، وذلك مبنى على قول الأخفش فى عدم الاشتراط لزيادتها.
مسألة ـ (كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ) من الأولى للابتداء والثانية للتعليل ، وتعلقها بأرادوا أو بيخرجوا ، أو للابتداء فالغمّ بدل اشتمال ، وأعيد الخافض ، وحذف الضمير ، أى من غم فيها.
مسألة ـ (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها) من الأولى للابتداء ، والثانية إما كذلك فالمجرور بدل بعض وأعيد الجار ، وإما لبيان الجنس فالظرف حال والمنبت محذوف ، أى مما تنبته كائنا من هذا الجنس.
مسألة ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ) من الأولى مثلها فى «زيد أفضل من عمرو» ومن الثانية للابتداء على أنها متعلقة باستقرار مقدر ، أو بالاستقرار الذى تعلقت به عند ، أى شهادة حاصلة عنده مما أخبر الله به ، قيل : أو بمعنى عن ، على أنها متعلقة بكتم على جعل كتمانه عن الأداء الذى أوجبه الله كتمانه عن الله ، وسيأتى أن (كَتَمَ) لا يتعدى بمن.
مسألة ـ (لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ) من للابتداء ، والظرف صفة لشهوة ، أى شهوة مبتدأة من دونهن ، قيل : أو للمقابلة كـ «خذ هذا من دون هذا» أى اجعله عوضا منه ، وهذا يرجع إلى معنى البدل الذى تقدم ، ويردّه أنه لا يصح التصريح به ولا بالعوض مكانها هنا (١).
مسألة ـ (ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ
__________________
(١) وجه عدم صحة التصريح بالمقابلة وبالعوض مكان من فى هذه الآية الكريمة أن لفظ(الْمُفْسِدُونَ) يمنع من التصريح بأحدهما ، وقد علم أن من لا تكون للعوض إلا إذا صح التصريح به مكانها.