فالعهدية إما أن يكون مصحوبها معهودا ذكريا ، نحو (كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) ونحو (فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ) ونحو «اشتريت فرسا ثم بعت الفرس» وعبرة هذه أن يسدّ الضمير مسدّها مع مصحوبها ، أو معهودا ذهنيّا ، نحو (إِذْ هُما فِي الْغارِ) ونحو (إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) ، أو معهودا حضوريا ، قال ابن عصفور : ولا تقع هذه إلا بعد أسماء الإشارة ، نحو «جاءنى هذا الرجل» أو أىّ فى النداء نحو «يا أيّها الرّجل» أو إذا الفجائية نحو «خرجت فإذا الأسد» أو فى اسم الزمان الحاضر نحو «الآن» انتهى. وفيه نظر ؛ لأنك تقول لشاتم رجل بحضرتك «لا تشتم الرّجل» فهذه للحضور فى غير ما ذكر ، ولأن التى بعد إذا ليست لتعريف شىء حاضر حالة التكلم ؛ فلا تشبه ما الكلام فيه ، ولأن الصحيح فى الداخلة على الآن أنها زائدة ؛ لأنها لازمة ، ولا يعرف أن التى للتعريف وردت لازمة ، بخلاف الزائدة ، والمثال الجيد للمسألة قوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).
والجنسية إما لاستغراق الأفراد ، وهى التى تخلفها كلّ حقيقة ، نحو (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) ونحو (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) أو لاستغراق خصائص الأفراد ، وهى التى تخلفها كل مجازا ، نحو «زيد الرّجل علما» أى الكامل فى هذه الصفة ، ومنه (ذلِكَ الْكِتابُ) أو لتعريف الماهية ، وهى التى لا تخلفها كل لا حقيقة ولا مجازا ، نحو (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) وقولك «والله لا أتزوج النساء» ، أو «لا ألبس الثياب» ولهذا يقع الحنث بالواحد منهما ، وبعضهم يقول فى هذه : إنها لتعريف العهد ؛ فإن الأجناس أمور معهودة فى الأذهان متميز بعضها عن بعض ، ويقسم المعهود إلى شخص وجنس.
والفرق بين المعرف بأل هذه وبين اسم الجنس النكرة هو الفرق بين المقيد