فإذا بنينا مثله من أوى أو من وأى قلنا أوّى كهوى ، أو قلنا وأى كهوى أيضا ، ثم تجمعه بالواو والنون فتحذف الألف كما تحذف ألف مصطفى ، وتبقى الفتحة دليلا عليها فتقول : أوون أو وأون رفعا ، وأوين أو وأين جرا ونصبا ، كما تقول فى جمع عصا وقفا اسم رجل عصون وقفون وعصين وقفين ، وليس هذا مما يخفى على سيبويه ولا على أصاغر الطلبة ، ولكنه كما قال أبو عثمان المازنى : دخلت بغداد فألقيت علىّ مسائل فكنت أجيب فيها على مذهبى ، ويخطئوننى على مذاهبهم ، اه وهكذا اتفق لسيبويه رحمهالله تعالى.
وأما سؤال الكسائى فجوابه ما قاله سيبويه ، وهو «فإذا هو هى» هذا هو وجه الكلام ، مثل (فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ) (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ) وأما «فإذا هو إياها» إن ثبت فخارج عن القياس واستعمال الفحصاء ، كالجزم بلن والنصب بلم والجر بلعلّ ، وسيبويه وأصحابه لا يلتفتون لمثل ذلك ، وإن تكلم بعض العرب به.
وقد ذكر فى توجيهه أمور :
أحدها لأبى بكر بن الخياط ، وهو أن «إذا» ظرف فيه معنى وجدت ورأيت ، فجاز له أن ينصب المفعول [كما ينصبه وجدت ورأيت] ، وهو مع ذلك ظرف مخبربه (١) عن الاسم بعده ، انتهى.
وهذا خطأ ، لأن المعانى لا تنصب المفاعيل الصحيحة ، وإنما تعمل فى الظروف والأحوال ، ولأنها تحتاج على زعمه إلى فاعل وإلى مفعول آخر ، فكان حقها أن تنصب ما يليها.
والثانى : أن ضمير النصب استعير فى مكان ضمير الرفع ، قاله ابن مالك ، ويشهد له قراءة الحسن (إياك تعبد) ببناء الفعل للمفعول ، ولكنه لا يتأتّى فيما أجازوه من قولك «فإذا زيد القائم» بالنصب ، فينبغى أن يوجّه هذا على أنه نعت مقطوع ، أو حال على زيادة أل ، وليس ذلك مما ينقاس ، ومن جوّز تعريف
__________________
(١) فى نسخة «يخبر به».