ولما كانت هذه الدولة ترجع في تكوينها وظهورها إلى ما قبل هذا التاريخ لزم أن نعين ماضيها ولو بصورة موجزة ، ليكون القارىء على علم منها ، ومن سلطان العراق الجديد وأصل حكومته.
نظرة عامة
كانت هذه القبيلة من حين شعرت بلذة الحكم لم تراع الحالة الهادئة والوضع المدني ، وإنما قضت غالب أيامها في حروب قبائلية ، ثم انصرفت إلى آمال استقلال أو استيلاء ، وقد تكون بعض حروبها خوفا من المقابل ، أو تعندا منه أو مراعاة للحيطة والحقد ...
ولم تشعر بقوة إلا في أواخر العصر الثامن الهجري أيام ظهور تيمور في هذه الأنحاء ، فقد رأت مناصرة منه ، وأخلصت له فنالت مكانة أرعبت المجاورين. ولما برز قرا يوسف بقبيلته كان رئيسها قرا عثمان أكبر ندّ له ، وهما على طرفي نقيض ، يتحاربان مرة ، ويتسالمان أخرى ، وأيام السلم قليلة.
وفي أيام حسن الطويل نالت هذه القبيلة الموقع اللائق ، والمنزلة المهمة ، فحصل على فتوح كاد يضرع بها أكابر الفاتحين ، فاق كثيرين غيره في حسن إدارته وحمايته للعلم والعلماء إلا أن مدته كانت قصيرة ، ولم يطل أمد حكمه ليجني الناس راحة وهناء ، ولا رأت بغداد ما يساعد على ثقافتها. وإن ابنه يعقوب بك كاد يجاريه في اهتمامه بالثقافة والنظام.
ثم اضطربت الحالة ، وتشوشت الأمور ، وطمع آخرون بالملك ، فلم تدم هذه الحكومة ، ولم يترعرع في حضنها من يداني الطويل وابنه ... ذلك ما دعا أن تنحط الأمور وتختل الحالة ، وترتبك الإدارة ... فلم تحصل كفاءة علمية أو أدبية إلا قليلا ... وما ذلك إلا