يتصوره أخوه جهانكير المذكور ، وهذا شأن الرجل العظيم ، وصفحه عن أخيه يعد أكبر فضيلة له ، وقد برهنت الوقائع الكثيرة أنه كبير النفس لا يحمل انتقاما ولا يعرف حقدا ، ولا حرصا زائدا ، ولم يقصر في تدبير ، ولم يهمل تيقظه للحوادث ... فهو بحق من أعظم الفاتحين في حروبه مع أقاربه وأعدائه ...
حسن الطويل
١ ـ حروب ومقارعات :
حسن بك بن علي بك بن قرا عثمان يعرف ب (حسن الطويل) وكان عادلا مقداما ، من مشاهير الفاتحين ، قضى على الحكومة البارانية ، واستولى على العراق وعلى قسم كبير من إيران. بل أكثر أقسامها. ولما استقر على سرير الملك بآمد بلغه أن أخاه جهانكير قد سار إلى الرها ، واتفق مع أخيهما أويس والي الرها على قتاله فكبسهما ونهب كل ما وجده خارج القلعة من الدواب والمواشي ، وكذا أغار على سواد ماردين ، ثم هرب أخواه جهانكير وأويس إلى ماردين ، وتركا الرها فاستوى عليها ، واستناب بها أحد أمرائه ، ثم أغار على حدود الشام ، وغنم أشياء كثيرة ، ثم سار إلى قتال أخويه بماردين ، وقاتلهما بظاهرها وكسرهما ، ثم حاصرهما فيها أياما فوسطت والدتهم فيما بينهم فاستقر الصلح بتوسطها ، فعاد حسن بيك إلى آمد ، ثم أغار على بلاد أرزن الروم وأونيك وبايبرت وترجان ، وكانت هذه القلاع والحصون في أيدي نواب جهان شاه وأمراء قرا قوينلو فخربها ونهبها وسخر قلعة سبكة وغيرها ، فأقام بترجان أياما ، وحاصر أرزنجان مدة ، ثم عاد إلى المشتى ، وفي الربيع رجع إلى حصارها ، وبلغه أن جهان شاه قد أمد الملك خلفا الأيوبي أيضا ، وكان بين حسن الطويل وبين الملك أحمد الأيوبي مصادقة ، فسار إلى مدده ، ورفع الملك خلف منها ، فعاد منها