والمترجم بين محب مفرط ، وكاره مبغض ، ولا يزال الشك حائما حول نسبته ونشأته وحقيقة اسمه ووطنه كما وقع اللبس في أمر معتقده ، والغالب أن العجم يدعون أنه منهم ، ويعدونه من أكابر رجال الصوفية ومقدميهم ، وينددون بمن يقع فيه ، ويحتجون على قتله ، ويعتذرون لما صدر عنه من رباعيات وقصائد ولا ينكرونها ... وأصله من بغداد ، من تلامذة فضل الله الحروفي ، وهو من التركمان المنبثين في العراق وأطرافها ...
كان من الباطنية ، وآثاره تدل على ذلك ، ولم يتغير فيه رأينا. والمدح والإطراء مبناهما الدعوة له ، والدعاية لفكرته ، أو التنويه بقوة أسلوبه في اللغتين التركية والفارسية ... يحاول صرف معاني القرآن عما يفهم لغة ليحول النظم إلى مزايا الحروف ، كأنه كتاب جفر ، أو طلسمات وألغاز ... مما لا يحتمله منطوق الآيات ، ولا يدعمه دليل التأويل ...
وهؤلاء يتحاملون على علماء الشريعة ، وينبزونهم ب (أهل الرسوم) ، و (أهل الظاهر) ، و (القشرية) ... وشنعوا على (ميران شاه بن تيمور لنك) بسبب قتله (فضل الله الحروفي) ونعتوه ب (ماران شاه) ، وب (الدجال) (١).
قال في (تذكرة المحققين) الموسومة (برياض العارفين) (٢) :
«نسيمي الشيرازي اسمه السيد عماد الدين ، من السادة رفيعي الدرجات ، ومن محققي العصر ، أخذ عن السيد شاه فضل ، المتخلص ب (نعيمي) ، تخرج عليه ، واستشهد سنة ٨٣٧ ه. وعلى قول بعضهم إنه قتل في حلب ، وآخرون قالوا إن مرقده خارج زرقان من شيراز ، شوهد
__________________
(١) تاريخ إيران : عبد الله الرازي ص ٥١٣.
(٢) فارسي تأليف رضا قلي خان الملقب ب «أمير الشعراء» والمتخلص ب «هدايه» وترجمته في مجمع الفصحاء طبعة إيران على الحجر سنة ١٣٠٥ ه.