نتناول ما وقع خلال المدة ، وفيها من الحوادث ضروب ينجلي فيها الغامض ، وكلها تدعو للاستبصار والتنبه لما تعاقب من كوارث أو ألمّ من نكبات ، أو عرض من هدوء وطمأنينة ... مما وصل إلينا خبره ، أو تيسرت معرفته ...
ولا نقصد هنا أن نأسف للغابر ، ولا نتوجع للنوائب أو نكثر البكاء والعويل على ما جرى من مضاضة ... وإنما نحاول أن نقف على الحالة ، ونستظهر علاقتنا وننتفع من نتائجها مهما كانت قاسية ، فليس بعد العلم مستعتب ، ولا تعذر أمة بجهل ... وقد قيل
من لم تفده عبرا أيامه |
|
كان العمى أولى به من الهدى |
ونرى في هذه المراجعات التاريخية تعويدا للأمة في تقوية شعورها ، وتنظيما لحياتها الحرة ، تقرأ في سطور الأنباء ما يؤدي بها حتما إلى ما تتطلبه من أغراض اجتماعية ، وما ترغب في تعيينه من خطط نافعة ... وفي هذه الحالة لا نريد أن نأبه لما شاع بين ظهرانينا من تلقيات وتلقينات من شأنها أن تثبط العزم ، وتسدل الستار على الماضي ... فالتاريخ خلاصة ارتباط مكين لحاضرنا بماضينا ، فلا ينبغي أن يؤدي بنا قصر النظر إلى الوقوف عند حالات العصر الحاضر مما لا يأتلف والمعرفة الحقة ... إذ لم تهمل أمة تاريخها بوجه ، والانتباه الصحيح إنما يأتي من طريقه وحوادث قطرنا أقرب إلى تفهمنا ، وخير معين لمعرفة النظام والإدارة المستقرة ، أو الثورات والزعازع ... ومنها ندرك إدارة الحكومات في شدتها وقسوتها ، أو لينها وإغضائها ....
وهكذا نشاهد المجرى ، وتتجلى لنا النفسيات الاجتماعية والفردية ، وفيها من التهالك في سبيل الحرص ضروب ، ومن المغامرات تحقيقا للأماني والأحلام أنواع ... والأوضاع من جراء ذلك مضطربة