صَنَع. إذا أُفردت فهي مفتوحة متحرّكة. قال : ويقال : رجل صِنْع اليدين ، مكسور الصاد إذا أضيفت. وأنشد :
صِنْعُ اليدين بحيثُ يكوى الأصْيَدُ
وأنشد غيره :
أنبل عَدْوانَ كُلِّها صَنَعا
والصَّنِيعة : ما أعطيته وأسديته من معروف أو يد إلى إنسان تصنعه به ، وجمعها صنائع ، قال الشاعر :
إن الصنيعة لا تكون صنيعة |
حتى يصابَ بها طريقُ المَصْنَع |
وقول الله عزوجل (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) [طه : ٤١] أي ربَّيتك لخاصَّة أمري الذي أردته في فرعون وجنوده. وحدّثنا الحسين عن أبي بكر بن أبي شَيْبة عن يحيى بن سعيد القطَّان عن محمد بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخُدْريّ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لا توقدوا بليل ناراً» ؛ ثم قال : «أوقدوا واصطنعوا فإنه لن يدرك قوم بعدكم مُدَّكم ولا صاعَكم». قوله : اصطنعوا أي اتّخذوا طعاماً تنفقونه في سبيل الله.
عمرو عن أبيه : الصَنِيع : الثوب الجيّد النقيّ. وقال ابن الأعرابي : أصْنع الرجلُ إذا أعان آخر. قال : وكل ما صُنِع فيه فهو صِنْع مثل السُّفْرة. ويكون الصِنْع الشِّوَاء. وقال الليث : الصَّنَّاعة : خشبة تُتّخذ في الماء ليحبس بها الماء وتُمسكه حيناً. ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إذا لم تَسْتَح فاصنع ما شئت» رواه جَرِير بن عبد الحميد عن منصور عن رِبْعيّ بن حِرَاش عن أبي مسعود الأنصاريّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم. قال أبو عبيد : قال جرير : معناه : أن يريد الرجل أن يعمل الخير فيدعَه حياءً من الناس ، كأنه يخاف مذهب الريَاء. يقول : فلا يمنعْك الحياءُ من المضيّ لِمَا أردت. قال أبو عبيد : والذي ذهب إليه جرير معنى صحيح في مذهبه ، ولكن الحديث لا يدلّ سياقه ولا لفظه على هذا التفسير. قال أبو عبيد : ووجهه عندي أنه أراد بقوله : «إذا لم تستح فاصنع ما شئت» إنما هو : من لم يستح صَنَع ما شاء ، على جهة الذمّ لترك الحياء ، ولم يرد بقوله : فاصنع ما شئت أن يأمره بذلك أمراً ، ولكنّه أمْر معناه الخبر ؛ كقوله عليهالسلام : «من كذب عليّ متعمِّداً فليتبوّأ مَقْعَده من النار» ، ليس وجهه أنه أمره بذلك ، إنما معناه : مَن كذب عليّ تبوَّأ مقعده من النار. والذي يراد من الحديث أنه حَثَّ على الحياء وأمرَ به وعاب تركه. وقال إبراهيم بن عَرَفة : سمعت أبا العباس أحمد بن يحيى يقول في قوله : إذا لم تستح فاصنع ما شئت قال : هذا على الوعيد ، فاصنع ما شئت فإن الله يجازيك. وأنشد :
إذا لم تخش عاقبة الليالي |
ولم تستَحْيِ فاصنع ما تشاء |
وهو كقول الله تعالى : (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ) [الكهف : ٢٩].
الأصناع : الأسواق ، جمع صِنْع. وقال ابن مقبل يصف فرساً :
بتُرْس أعجم لم تُنْجَر مسامره |
مما تَخَيَّرُ في أصناعها الروم |
لم تُنجز مسامره أي لم تشدّ فيه المسامير.