وعز : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح : ٥ ، ٦]. فقال : لا يَغلب عُسْر يسرين. وسئل أبو العباس عن تفسير قول ابن مسعود ومرادِه من قوله فقال : قال الفرّاء : العرب إذا ذكَرت نكرة ثم أعادتها بنكرة مثلها صارتا ثنتين ، وإذا أعادتها بمعرفة فهي هي. تقول من ذلك : إذا كسبت درهماً فأنفِق درهماً ، فالثاني غير الأوّل ، فإذا أعدته بالألف واللام فهي هي. تقول من ذلك : إذا كسبت درهماً فأنفِق الدرهم ، فالثاني هو الأول. قال أبو العباس : وهذا معنى قول ابن مسعود ، لأن الله تعالى لمّا ذكر (العُسر) ثم أعاده بالألف واللام عُلِم أنه هو ، ولمّا ذكر (يُسْراً) بلا ألف ولام ثم أعاده بغير ألف ولام عُلِم أن الثاني غير الأول ، فصار العُسْر الثاني العسر الأول ، وصار يسر ثان غير يسر بدأ بذكره. ويقال إن الله جل وعزّ أراد بالعسر في الدنيا على المؤمن أنه يُبْدِله يسراً في الدنيا ويسراً في الآخرة والله أعلم. وقيل : لو دخل العسر جُحْراً لدخل اليسر عليه ، وذلك أن أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم كانوا في ضِيق شديد ، فأعلمهم الله أنْ سيفتح عليهم ، ففتح الله عليهم الفُتُوح ، وأبدلهم بالعُسر الذي كانوا فيه اليسْر وقيل في قوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) [الليل : ٧] أي للأمر السهل الذي لا يقدر عليه إلا المؤمنون. وقوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) [الليل : ١٠] قالوا : العسرى : العذاب والأمر العسير. قلت : والعرب تضع المعسور موضع العُسْر ، والميسورَ موضع اليُسْر ، وجُعِل المفعول في الحرفين كالمصدر. ويقال : أعسر الرجلُ فهو مُعْسِر إذا صار ذا عُسْرة وقِلَّة ذات يد. قال : وعَسَرت الغريم أعسِره عَسْراً إذا أخذته على عُسْرة ولم تَرْفُق به إلى مَيسَرته. ويقال : عَسُر الأمر يعسُر عُسْراً فهو عَسِير ، وعَسِر يَعْسَر عَسَراً فهو عسِر. ويوم عسير : ذو عُسْر. قال الله تعالى في صفة يوم القيامة : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) [المدثر : ٩ ، ١٠]. ويقال : رجل أعسر بيِّن العَسَر وامرأة عسراء إذا كانت قوّتّهما في أشْمُلهما ، ويعمل كل واحد منهما بشماله ما يعمل غيره بيمينه. ويقال : رجل أعسر يَسَر وامرأة عَسْراء يَسَرة إذا كانا يعملان بأيديهما جميعاً ، ولا يقال : أعْسَر أيسر ، ولا عسراء يَسراء للأنثى ، وعلى هذا كلام العرب. ويقال من اليَسَر : في فلان يَسَرة. ويقال : بلغتُ معسور فلان إذا لم تَرْفُق به ، وعسَّرت على فلان الأمر تعسيراً. ويقال : استعسرت فلاناً إذا طلبت معسوره ، واستعسر الأمرُ وتعسّر إذا صار عسيراً. وقال ابن المظفّر : يقال للغَزْل إذا التبس فلم تقدر على تخليصه : قد تغسّر بالغين ولا يقال بالعين إلَّا تجشُّماً. قلت : وهذا الذي قاله ابن المظفر صحيح ، وكلام العرب عليه ، سمعته من غير واحد منهم ، ويوم أعسر أي مشئوم قال مَعْقِل الهذلي :
ورُحْنا بقوم من بُدَالة قُرِّنوا |
وظلّ لهم يوم من الشر أعسرُ |
فسّر أنه أراد به أنه مشئوم. قال : ويقال :