فى مسجد منى ، فإن استطعت أن لا تفوتك الصلاة فى مسجد منى فافعل (١).
وعن موسى بن عبيدة ، قال : لما أمر الله إبراهيم بالأذان فى الناس بالحج استدار بالأرض ، فدعا فى كل وجهة : يا أيها الناس أجيبوا ربكم وحجوا. قال : فلبى الناس من كل مشرق ومغرب ، وتطأطأت الجبال حتى بعد صوته (٢).
وقال ابن عطاء : (وَأَرِنا مَناسِكَنا)(٣) ؛ أى أبرزها لنا وعلّمناه.
وقال مجاهد : أرنا مناسكنا ، أى : مذابحنا.
وعن محمد بن إسحاق ، قال : حدثنى بعض أهل العلم أن عبد الله بن الزّبير قال لعبيد بن عمير الليثى : كيف بلغك أن إبراهيم عليهالسلام دعا إلى الحج؟ قال : بلغنى أنه لما رفع إبراهيم القواعد وإسماعيل انتهى إلى ما أراد الله تعالى من البناء وحضر الحج استقبل اليمن ، فدعا إلى الله تعالى وإلى حج بيته ، فأجيب أن لبيك لبيك ، ثم استقبل المشرق ، فدعا إلى الله تعالى وإلى حج بيته ، فأجيب لبيك لبيك ، وإلى المغرب بمثل ذلك ، وإلى الشام بمثل ذلك ، ثم حج إبراهيم ومعه من المسلمين من جرهم وهم سكان الحرم يومئذ مع إسماعيل وهم أصهاره ، وصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء بمنى ، ثم بات بهم بها حتى أصبح وصلى بهم الغداة ، ثم غدا بهم إلى نمرة فقام بهم هنالك ، حتى إذا مالت الشمس جمع بين الظهر والعصر بعرفة فى مسجد إبراهيم ، ثم راح بهم إلى الموقف من عرفة فوقف بهم ـ وهو الموقف من عرفة الذى يقف عليه الإمام ـ يريه ويعلمه ، فلما غربت الشمس دفع به وبمن معه حتى أتى المزدلفة ، فجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء الآخرة ، ثم بات بها حتى إذا طلع الفجر صلى بهم صلاة الغداة ، ثم وقف به على قزح من المزدلفة وبمن معه ، وهو الموقف الذى يقف به الإمام ، حتى إذا أسفر غير مشرق دفع به وبمن معه يريه ويعلمه كيف يرمى الجمار ، حتى فرغ له من الحج كله ، وأذن به فى الناس ، ثم انصرف إبراهيم راجعا إلى الشام فتوفى بها صلوات
__________________
(١) أخرجه : الأزرقى فى أخبار مكة ١ / ٧٥.
(٢) سبل الهدى والرشاد ١ / ١٨٥.
(٣) سورة البقرة : آية ١٢٨.