كما كانت فى أيام عمر رضى الله عنه ، وباشر العمل بنفسه ، وكان يصوم النهار ويقوم الليل ولا يخرج من المسجد حتى فرغ منه لهلال المحرم سنة ثلاثين (١).
ثم زاد فيه عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ بأمر الوليد بن عبد الملك وكان عامله على مكة والمدينة ، وأرسل الوليد إلى ملك الروم يستدعى منه عمالا وآلات لأجل العمارة ، فأرسل إليه أربعين رجلا من الروم ، وأربعين رجلا من القبط.
فيروى أنه يوما من الأيام يعملون عمال الروم إذ خلا لهم المسجد ، فقال أحدهم لصاحبه : لأبولن على قبر نبيهم اليوم ، فأتى فتهيأ لذلك فوقع على رأسه [فانكسر] دماغه ، وأسلم بعض أولئك النصارى لذلك (٢).
فصار طوله : مائتى ذراع ، وعرضه فى مقدمه : مائتى ذراع ، وفى مؤخره : مائة وثمانين.
وجعل عمر بن عبد العزيز فى كل ركن من أركان المسجد منارة للأذان ، وكانت المنارة الرابعة مطلة على دار مروان وهى قبلى المسجد من الغرب. فلما حج سليمان بن عبد الملك أذن المؤذن فأطلّ على سليمان وهو فى الدار ، فأمر بالهدم فهدمت تلك المنارة إلى ظهر المسجد.
وأقام عمر بن عبد العزيز فى بنائه ثلاث سنين ، وجعل له عشرين بابا ، ولم يبق من الأبواب التى كان يدخل رسول الله منها إلا باب عثمان المعروف اليوم بباب جبريل عليهالسلام (٣).
ثم لما حج المهدى سنة ستين ومائة فقدم المدينة بعد انصرافه من الحج استعمل عليها جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس سنة إحدى وستين ومائة ، وأمره بالزيادة فى مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم فزاد من جهة الشام إلى منتهاه اليوم ، ثم لم يزد فيه أحد (٤).
__________________
(١) انظر : المرجع السابق ٢ / ٥٠٠ ، هداية السالك ٣ / ١٤١٢.
(٢) هداية السالك ٣ / ١٤١٢.
(٣) وفاء الوفا ٢ / ٥١٣ (زيادة عمر بن عبد العزيز).
(٤) وفاء الوفا ٢ / ٥٣٥ (زيادة المهدى).