وقفة مع الكتاب
لقد قسم الخوارزمى مادة كتابه إلى أربعة أقسام ، كل قسم يحمل عنوانا لمادته ، ويحوى تحته أبوابا عدة متفاوتة طولا وقصرا ، ويحس قارئها بوضوح أنها محكمة الترتيب ، ويمكن أن تردّ هذه الأبواب جميعا ، بل مادة الكتاب كلها ، إلى المصادر الآتية :
(١) القرآن الكريم وكتب التفسير : وردت فى الكتاب آيات قرآنية ذات علاقة بالمساجد الثلاثة ، بعضها جاءت الإشاره فيها إلى هذه الأماكن صريحة لا مجال للاجتهاد فيها ، وبعضها جاءت حسب رأى مفسّر من المفسرين.
(٢) الأحاديث النبوية : وهذه تعد المصدر الأساسى للكتاب ، لكثرة ما ورد فيه منها ، وهى متفاوته فى صحتها ودرجة قبولها ، ولو وزنت بمقياس قواعد أهل الفن ـ من الجرح والتعديل ـ لوجدنا منها ما هو : صحيح ، أو حسن ، أو غريب ، أو ضعيف تالف ، أو واه جدا ومنكرا ، أو موضوع مكذوب.
وواضح أن الخوارزمى تساهل وترخّص فى رواية هذه الأحاديث الضعيفة والواهية والمكذوبة ، مع إشارته إلى ذلك فى خاتمة الكتاب.
(٣) الإسرائليات : وخاصه فيما يتعلق بفضائل بيت المقدس ، وهى روايات دخلت المؤلفات الإسلامية من مصادر يهودية من التوراة والتلمود والزّبور ، كما استمدّت من بعض الأخبار المسيحية ، الممزوجة بالقصص والأساطير ، وليس فيها شىء من الحقيقة والواقع.
ويبدو أن الهدف من هذه القصص كان فى الأصل الوعظ ، ثم تجاوز المألوف.
ونحن ننكر على المؤلف هذا المنهج المتساهل فى إيراد هذه الحكايات والأحاديث المختلقة ، دون التعليق عليها ، وليته أبقى الأسانيد الأصلية ؛ لكان من السهل الحكم عليها.
وواضح أن تلك الأمور قد راجت بين العامة واستفحل أمرها ، وأفرط بعضهم