الفصل الثانى والعشرون
فى ذكر فضائل الحج وعظم أمره وشرف قدره
وفيه آيات ظاهرة ودلالات باهرة ، ومن جملتها : أنه من دعائم الإسلام التى أسس عليها بناؤه ، والعلم [فى] هذا مستفيض حتى أمن إخفاؤه وأكمل به الدين وأتمّ به نعمته.
قال الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(١).
قال بعض اليهود : لو نزلت هذه الآية علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيدا (٢).
قال عمر رضى الله عنه : والله إنى لأعلم فى أى وقت نزلت ، وفى أى مكان ؛ نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو واقف على ناقته فى الموقف فى حجة الوداع (٣).
وناهيك بطاعة ، أكمل الله تعالى بها فى يومها الدين ، وجعلها تماما للنعمة ، وأخبر عندها أنه رضى دين الإسلام دينا لهذه الأمة.
قيل : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بركت ناقته أحد وثمانين يوما من ثقل الوحى ، وعاش رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد نزولها أحد وثمانين يوما.
ومنها : أنه متضمن الدخول فى جملة المخلصين ، والاختلاط بالأبدال والصالحين ، والأنغماس فى دعاء المقبولين والمقربين.
ومنها : أنه حلول بحضرة المعبود ، ووقوف على باب الجود ، ومشاهدة لذلك المشهد العلى ، وإلمام بمعهد العهد الربانى ، ولا يخفى أن نفس الكون بتلك الأماكن
__________________
(١) سورة المائدة : آية ٣.
(٢) أخرجه : البخارى (الإيمان : باب زيادة الإيمان ونقصانه) ١ / ١٣ ـ ١٤.
(٣) أخرجه : البخارى ٧ / ١٠٨ ، مسلم ٤ / ٢٣١٣ ، أحمد فى المسند ١ / ٢٨ ، الترمذى ١١ / ١٧١ ، النسائى (٣٠٠٢) ، البيهقى فى السنن ٥ / ١١٨ ، البيهقى فى الشعب (٤٠٦٧) ، والطبرانى فى الأوسط (٨٣٤).