الفصل الحادى والخمسون
فى ذكر الإشارة فى سر السعى بين الصفا والمروة
واعلم يا أخا الصفا بالوفا وتفكر فى ترددك بينهما كتردد العبد الخاطئ المذنب فى فناء حضرة مالكه خاشعا متفرعا متذللا إظهارا لمحبته ، ومواظبا لخدمته ، ورجاء لملاحظته بعين الجود والمرحمة ، وعفوا لزلاته ، ومحوا لسيئاته ، وطمعا فى قبول طاعته وخدمته ولم يعلم هل قبله أم لا.
أسير الخطايا عند بابك واقف |
|
على وجل مما به أنت عارف |
يخاف ذنوبا لم يغب عنك غبّها |
|
ويرجوك فيها وهو راج وخائف |
ومن ذا الذى يرجى سواك ويتقى |
|
وما لك فى فصل القضاء مخالف |
فيا سيدى لا تخزنى فى صحيفتى |
|
إذا نشرت يوم الحساب الصحائف |
وكن مؤنسى فى ظلمة القبر عند ما |
|
تصد ذوو القربى ويجفو المحالف |
لئن ضاق عنّى عفوك الواسع الذى |
|
أرجّى لإسرافى فإنى تالف |
وافتح بصرك وأبصر ببصر بصيرتك ، واعلم أن الصفا والمروة بمثابة كفتى الميزان ؛ كأنه توزن فيه أعمالك ، وترددك بينهما كتردد كفتى الميزان كيف يميل إلى الرجحان أو النقصان ، مترددا بين خوف العذاب ورجاء الغفران متمسكا بذيل عناية الرحمن قائلا بلسان الترجمان :
تعاظمنى ذنبى فلما قرنته |
|
بعفوك ربى كان عفوك أعظما |
ولولاك لم يعبد بإبليس عابد |
|
فكيف وقد أغوى صفيك آدما |
واعلم أن السعى فى الوادى هو انكماش العبد فى طاعة الله سبحانه وتعالى ، وإجابته إلى ما دعاه إليه. وقد كانت هاجر أم إسماعيل ـ سريّة خليل الرحمن عليهالسلام ـ عند السدرة التى نزل بها إبراهيم استغاثت وعلت على هذين