الفصل الثالث والعشرون
فى ذكر أن بعد بناء عمر بن عبد العزيز
هل دخل أحد بيت النبى صلىاللهعليهوسلم أم لا
ولم يرو أحد ذلك إلا ما حكاه ابن النجار فى تاريخه أنه فى سنة ثمان وأربعين وخمس مائة سمع من داخل الحجرة المقدسة هدّة فاقتضى رأيهم إنزال شخص من أهل الدين والصلاح هناك فلم يروا أحدا أمثل حالا من الشيخ عمر النسائى شيخ الشيوخ بالموصل ، فكلموه فى ذلك فامتنع واعتذر بسبب مرض يحتاج معه إلى الوضوء فى غالب الأوقات ، فألزم بذلك. فيقال : إنه امتنع من الأكل والشرب مدة وسأل الله تعالى إمساك هذا المرض عنه بقدر ما ينزل ويخرج ، فأنزلوه بالحبال من بين السقفين من الطاق ، فنزل بين حائط بيت النبى صلىاللهعليهوسلم وبين الحائز ومعه شمعة يستضىء بها ، ومشى إلى بيت النبى صلىاللهعليهوسلم ، ودخل من الباب إلى القبور المقدسة ، فرأى شيئا من ردم ، إما من السقف ، وإما من الحائط وقد وقع على القبور المقدسة فأزاله ، وكنس ما عليها من التراب بلحيته وكان مليح الشيبة ، ثم طلع فأمسك الله تعالى عنه هذا المرض بقدر ما نزل وطلع (١).
ثم فى سنة أربع وخمسين وخمس مائة وجدت من داخل الحجرة المقدسة رائحة كريهة متغيرة فنزل الطواشى بيان ـ من أحد خدام الحرم الشريف ـ ونزل معه الصفى الموصلى متولى عمارة المسجد الشريف ، ونزل معهما هارون الصوفى فوجدوا هرا قد سقط من الشباك الذى بأعلى الحائط بين الحائط وبين النبى صلىاللهعليهوسلم ، فأخرجوها وطيبوا مكانها ، وكان نزولهم يوم السبت الحادى عشر من شهر ربيع الآخر سنة أربع وخمسين وخمس مائة (٢).
__________________
(١) ذكر هذا الخبر ابن جماعة فى هداية السالك ٣ / ١٤١٨.
(٢) ذكر هذا الخبر ابن جماعة فى هداية السالك ٣ / ١٤١٨.