الفصل الخامس عشر
فى ذكر بناء إبراهيم عليهالسلام الكعبة
عن سعيد بن جبير ، قال : حدثنا عبد الله بن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال :لبث إبراهيم ـ عليهالسلام ـ فى الشام ما شاء الله أن يلبث ، ثم جاء فى المرة الثالثة فوجد إسماعيل قاعدا تحت الدوحة التى فى ناحية البئر يبرى نبلا له ـ أو نباله ـ وعمره عشرون سنة ، فسلم عليه ونزل إليه فقعد معه ، فقال إبراهيم له : يا إسماعيل إن الله قد أمرنى بأمر. فقال له إسماعيل : فأطع ربك فيما أمرك. فقال إبراهيم : أمرنى ربى أن أبنى له بيتا. فقال له إسماعيل : وأين؟ يقول ابن عباس : فأشار إلى أكمة (١) مرتفعة على ما حولها رضراض (٢) من حصباء ، يأتيها السيل من نواحيها ، ولا يركبها.
يقول ابن عباس : فقاما يحفران عن القواعد ، ويقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ.)(٣)
ويحمل له إسماعيل الحجارة على رقبته ، ويبنى إبراهيم ـ عليهالسلام ـ فلما ارتفع البنيان وشق على إبراهيم تناول الحجر منه قرّب له إسماعيل هذا الحجر ـ يعنى : المقام ـ فكان يقوم عليه ويبنى ويحوله فى نواحى البيت حتى انتهى وجه البيت (٤). يقول ابن عباس : فلذلك سمى مقام إبراهيم لقيامه عليه.
وعن وهب بن منبّه ، أنه أخبر ، قال : لما أن بعث الله ـ تعالى ـ إبراهيم خليله ليبنى البيت ؛ طلب الأساس الأول الذى وضعه بنو آدم فى موضع الخيمة التى
__________________
(١) الأكمة : التل ، والجمع : أكم وإكام ، وآكام : (المعجم الوسيط ١ / ٢٣).
(٢) الرضراض : الحصى الصغار فى مجارى الماء ، والقطر الصغار من المطر (المعجم الوسيط ١ / ٣٦٣).
(٣) سورة البقرة : آية ١٢٧.
(٤) أخرجه : البيهقى فى دلائل النبوة ٢ / ٥٢ ، الأزرقى فى أخبار مكة ١ / ٥٩ ، السيوطى فى الخصائص الكبرى ١ / ٧٨ ، الصالحى فى سبل الهدى والرشاد ١ / ١٨٠ ـ ١٨٢.