الفصل السابع والعشرون
فى ذكر استحباب تعجيل الحج وذم التأخير
اعلم وفقك الله تعالى وإيانا أن من وجب عليه الحج وتمكن من فعله إما بنفسه أو بنائبه فالأولى له أن يبادر إليه ؛ قال الله تعالى : (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)(١) وقال تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ)(٢). وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تعجلوا الحج فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له» (٣).
ثم إن أخره وفعل قبل أن يموت فقد استدرك ما فاته ، وإن مات قبل ذلك ؛ فعليه أن يوصى من تركته من يحج عنه ومع هذا أمره شديد وأثمه أكيد.
وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من لم تمنعه من الحج حاجة أو مرض حابس أو سلطان جائر ومات فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا» (٤).
وهذا إشارة منه صلىاللهعليهوسلم إلى تشبيهه باليهود والنصارى فى تهاونه بهذه الطاعة وعدم اهتمامه بها حتى مات ولم يأت بها ؛ لأن الإجماع متفق على أن هذا ليس على ظاهره ، وإن من مات من المسلمين ولم يحج وكان قادرا عليه لا يكون تركه الحج مخرجا له عن الإسلام فهو محمول على المستحلّ لذلك فيكفر به حينئذ أو أنّ فعله أشبه فعل اليهود والنصارى كما تقدم ، وقد استدل بظاهره من ذهب أن الحج يجب على الفور.
__________________
(١) سورة البقرة : آية ١٤٨.
(٢) سورة آل عمران : آية ١٣٣.
(٣) أخرجه : أحمد فى المسند ١ / ٣١٤ ، والمعنى : «ما يعرض له من مرض أو حاجة» كما فى رواية الديلمى.
(٤) أخرجه : الدارمى (١٧٨٥) ، والبيهقى فى السنن ٤ / ٣٣٤ ، والشعب (٣٩٧٩) ، والفاكهى فى أخبار مكة ١ / ٨٠١ ، والديلمى فى الفردوس (٦٣٦٦) ، وأبو نعيم فى الحلية ٩ / ٢٥١ ، وابن أبى شيبة ١ / ٢٦٩ ، وابن عدى فى الكامل ٧ / ٢٥٠٢ ، وفيه : ليث : وهو ضعيف. وشريك : سيئ الحفظ ، ووثقه بعضهم.