الفصل الخامس
فى ذكر أسامى هذه البلدة الشريفة المباركة عظّم الله قدرها (١)
اعلم يا أخا الصفا صفا الله باطنك بنور معرفة علم الأسماء أن كثرة الأسامى عند العرب تدل على شرف المسمى ، فمن أسمائها : مكة وإنما سميت بذلك لأنها تمكّ الذنوب ، أى : تذهبها.
وقيل : لأنها يؤمها الناس من كل مكان فكأنها تجذبهم ؛ وهذه الأقوال ترجع إلى قول العرب : أمتكّ الفصيل ضرع أمّه إذا امتصه وجذب بقية ما فى الضرع من اللبن.
وقيل : لأنها تمك من ظلم فيها ، أى : تهلكه.
وقيل : لأنها تجهد أهلها ؛ من قولك : تمككت العظم إذا أخرجت مخه.
والتمكك الاستقصاء (٢).
ومنها : بكة ؛ قيل : لازدحام الناس فيها يبكّ بعضهم بعضا أى : يدفع فى زحمة الطواف وغيره.
وقيل : لأنها تبك أعناق الجبابرة ، أى : تدقها ، وما قصدها جبار إلا قصمه الله تعالى ، وقيل : لأن الناس يتباكون فيها أى : يزدحمون ، قال قتادة : إن الله بكّ به الناس فتصلى النساء أمام الرجال ولا يفعل ذلك ببلد غيرها.
__________________
(١) للبلد الشريف أسماء كثيرة قاربت الخمسين ، وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. وينظر عن ذلك فى. شفاء الغرام ١ / ٧٥ ـ ٨٤ ، سبل الهدى والرشاد ١ / ٢٢٥ ـ ٢٣١ ، القرى (ص : ٦٥٢) ، أخبار مكة للأزرقى ١ / ٢٧٩ ، أخبار مكة للفاكهى ٢ / ٢٨٠ ـ ٢٨٢ تهذيب الأسماء واللغات للنووى ٣ / ١٥٦ ـ ١٥٧ ، المناسك للحربى ٣ / ١٥٦ ـ ١٥٧.
(٢) المعجم الوسيط ٢ / ٩١٧ ، والقرى (ص : ٦٥٠).