الفصل السادس والأربعون
فى ذكر ما جاء فى الذهب الذى كان على المقام
ومن جعله عليه وتذهيب الكعبة ومن جعله عليها
قال عبد الله بن شعيب بن شيبة بن جبير بن شيبة : ذهبنا نرفع المقام فى خلافة المهدى فانثلم منه ، قال : وهو حجر رخو يشبه السنان ، فخشيت أن يتفتت ـ أو قال أن يتداعا ـ فكتبنا فى ذلك إلى المهدى فبعث إلينا بألف دينار فضينا بها المقام أسفله وأعلاه ، وهو الذهب الذى هو عليه اليوم.
وقال عبد الله بن شعيب نحوه ، وقال : فلم يزل ذلك الذهب عليه حتى أمر أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله أن يجعل عليه ذهب فوق ذلك الذهب أحسن من ذلك العمل فعمل عليه ، وكان ذلك فى مصدر الحاج سنة ست وثلاثين ومائتين (١) ، فهو الذهب الذى عليه اليوم ، وجعل فوق ذلك الذهب الذى كان عمله المهدى ولم يقلع عنه.
ولما كان فى سنة تسع وسبع مائة وخمسين سرقا جميعا فى حكومة الإمام العالم المفتى المتقى القاضى شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن محب الدين الطبرى رحمه الله ، وكان هو الناظر بحرم الله الشريف والقاضى بمكة ، فعمل عليه الفضة ، وهى اليوم عليه (٢).
قال الأزرقى : أما الكعبة الشريفة فإن الوليد بن عبد الملك بعث إلى خالد بن عبد الله القسرى وإلى مكة ستة وثلاثين ألف دينار فجعل على بابها صفائح الذهب وعلى ميزابها وعلى الأساطين التى فى بطنها وعلى الأركان ، وهو أول من ذهّب البيت فى الإسلام ، ولما رقّ ما على الباب بعث محمد بن الرشيد ثمانية
__________________
(١) إتحاف الورى ٢ / ٣٠٢ ، ٣٠٣ ، أخبار مكة للأزرقى ٢ / ٣٦ ، أخبار مكة للفاكهى ١ / ٤٨٣ ، شفاء الغرام ١ / ٢٠٣.
(٢) أخبار مكة للأزرقى ٢ / ٣٦.