الفصل الحادى عشر
فى ذكر فضائل أسطوانة التوبة
وهى التى ارتبط بها أبو لبابة بشر بن عبد المنذر الأنصارى الأوسى.
ونقل ابن زبالة أن النبى صلىاللهعليهوسلم كان يصلى نوافله إليها. وفى رواية : كان أكثر نوافله إليها ، وكان إذا صلى الصبح انصرف إليها. وقد سبق إليها الضعفاء والمساكين ، وأهل الضر وضيفان النبى صلىاللهعليهوسلم ، والمؤلفة قلوبهم ، ومن لا مبيت له إلا المسجد ، فينصرف إليهم من مصلّاه من الصبح فيتلو عليهم ما أنزل الله تعالى عليه من ليلته ويحدثهم الحديث (١).
وعن ابن عمر رضى الله عنه : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا اعتكف يطرح له فراشه ويوضع له سريره إلى أسطوانة التوبة مما يلى القبلة يستند إليها (٢).
وهى الثانية من القبر الشريف ، والثالثة من القبلة ، والرابعة من المنبر ، والخامسة من رحبة المسجد اليوم (٣).
وعن عبد الله بن أبى بكر قال : ارتبط أبو لبابة إلى هذه الأسطوانة بضعة عشر ليلة ، وكانت ابنته تأتيه عند كل صلاة فتحله فيتوضأ ويصلى حتى نزلت آية توبته بينها وبين القبر ، فجاءوه ليحلوه ، فقال : لا حتى يحلنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فجاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحلّه منها.
وخلفها من جهة الشمال أسطوانة أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ وتعرف بالمحرس ؛ لأنه ـ رضى الله عنه ـ كان يجلس إليها لحراسة النبى
__________________
(١) أخرجه : البخارى ١ / ١٠٢ (الصلاة : باب الصلاة إلى الاسطوانة). مسلم ٢ / ٥٩ (الصلاة : دنو المصلى من السترة).
(٢) أخرجه : البيهقى فى السنن ٥ / ٢٤٧ ، ابن ماجه ١ / ٥٦٤.
(٣) تفسير أحكام القرآن لابن العربى ٢ / ٩٩٨ ، تفسير آية (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ.) والاستيعاب بهامش الإصابة ٤ / ١٦٨.