الفصل الرابع والعشرون
فى ذكر المنبر الشريف والأسطوانة الحنانة
فعمل لسيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم منبر بأمره فى سنة ثمان من الهجرة.
عن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يخطب يوم الجمعة إلى جنب جذع مسندا ظهره إليه ، فلما كثر الناس قال : «ابنوا لى منبرا» فبنوا له وكان له درجتين ومجلسا ، فلما قام على المنبر ليخطب حنّت الخشبة إلى رسول الله. قال أنس : وأنا فى المسجد فسمعت الخشبة تحن حنين الواله ، فما زالت تحن حتى نزل إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاحتضنها ، فسكنت. فقال عليهالسلام : «لو لم أحتضنها لحنّت إلى يوم القيامة» (١).
وفى بعض الروايات : خار كخوار الثور حتى أرتجّ المسجد من خواره تحزنا على فراق رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفى رواية أنس رضى الله عنه : حتى ارتجّ لخواره (٢).
وفى رواية سهل : وكثر بكاء الناس لما رأوا به.
وذكر الشيخ مظفر الدين الإسفراينى أن النبى صلىاللهعليهوسلم دعاه إلى نفسه فجاءه يخرق الأرض فالتزمه ثم عاد إلى مكانه (٣).
وفى رواية : خار حتى تصدّع ، وانشق حتى جاء النبى صلىاللهعليهوسلم فوضع يده عليه فسكن ، فأمر به النبى صلىاللهعليهوسلم فدفن تحت المنبر (٤).
__________________
(١) أخرجه : البيهقى فى الدلائل ٢ / ٥٥٩ ، الدارمى فى السنن ١ / ٢٥ ، الجندى فى فضائل مكة (٣٧) ، ابن حجر فى فتح البارى ٦ / ٦٠٢.
والوله : ذهاب العقل حيرة من حزن أو عشق أو نحوهما.
(٢) أحمد فى المسند ١ / ٢٤٩ ، ٢٦٣ ، ٢٦٧ ، ابن ماجه (١٤١٥) ، أبو نعيم فى دلائل النبوة (ص : ١٤٢).
(٣) البيهقى فى دلائل النبوة ٢ / ٥٥٧.
(٤) أخرجه : البخارى (٣٥٨٥) ، البيهقى فى الدلائل ٢ / ٥٦٠.