النوع الثالث من الفصل الحادى والأربعين
فى ذكر طرف من أخبار المحبين وأحوال المقربين
عن سرى بن يحيى قال : حدثنى جار كان لأبى قلابة الجرمى ، أنه خرج حاجّا فتقدم على أصحابه فى يوم صائف وهو صائم فأصابه عطش شديد فقال : اللهم إنك قادر على أن تذهب عطشى من غير فطر ، فأظلته سحابة فأمطرت عليه حتى بلت ثوبه وذهب العطش عنه ، فنزل فحّوض حوضا فملأها ماء ، فانتهى إليه أصحابه فشربوا منه وما أصاب أصحابه من ذلك المطر شىء (١).
وقيل : حج شيبان الراعى مع سفيان الثورى فعرض لهما سبع فخاف سفيان وقال : يا شيبان ترى هذا السبع؟ فقال له شيبان : لا تخف وأخذ بأذن السبع وعركها فبسبس السبع بين يديه وحرك أذنيه ، فقال سفيان : ما هذه الشهرة؟! فقال شيبان : لو لا مخافتى من الشهرة لوضعت زادى على ظهره إلى مكة!
وعن ابن شوذب قال : كان حبيب العجمى (٢) أبو محمد يرى بالبصرة يوم التروية ، ويرى يوم عرفة بعرفة (٣).
وعن موسى بن إبراهيم ، قال : رأيت الحسن بن الخليل بن مرة بعرفات وكلمته ، ثم رأيته يطوف بالبيت. فقلت : ادع لى أن يقبل الله حجى ، فبكى ودعا لى ، فأتيت مصر ، فقلت : إن الحسن كان معنا بمكة ، فقالوا : ما حج العام. وقد كان يبلغنى أنه يمر إلى مكة فى ليلة فما كنت أصدق حتى رأيته وجاء فى بيتى
__________________
(١) أخرجه : ابن أبى الدينا فى الأولياء (٦٣) ، ومجابو الدعوة (١٣١) ، ومختصر تاريخ دمشق ١٢ / ٢١٦ ، مثير الغرام الساكن (ص : ٣٩٨). وفى إسناده مجاهيل.
(٢) هو : حبيب بن محمد ، أبو محمد العجمى ، زاهد أهل البصرة وعابدهم ، وكانت له كرامات وأحوال. (انظر ترجمته فى : سير أعلام النبلاء ٦ / ١٤٣).
(٣) الخبر فى مختصر تاريخ دمشق بنحوه ٦ / ١٨٨ ، وسير أعلام النبلاء ٦ / ١٤٤ ، وحلية الأولياء ٦ / ١٥٤ ، مثير الغرام الساكن (ص : ٣٩٩).