والضلالة.
ثم اعلم أن المسارعة فيه والإتيان به على الفور مستحب بالإجماع. وأما الوجوب فقد اختلفوا فيه ؛ روى أبو يوسف عن أبى حنيفة ـ رضى الله عنهما ـ أنه واجب على الفور ، وهو الأصح عنه ، وبه أخذ مالك وأحمد رحمهما الله (١).
وقال محمد والشافعى ـ رضى الله عنهما ـ هو واجب على سبيل التراخى ؛ ودليل كل فريق مذكور فى كتبهم المبسوطة.
والمراد من الفور : أنه يلزم المأمور فعل المأمور به فى أول أوقات الإمكان ، مستعارا للسرعة ، من فارت القدر إذا غلت.
ثم على قول من يوجب الحج على التراخى فلم يحج حتى مات فهل يأثم بذلك؟ ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : لا يأثم بذلك ؛ لأنا جوزنا التأخير له ولم يرتكب محظورا بعد ذلك.
والثانى : يأثم بذلك ؛ لأن التأخير إنما جوزناه له بشرط السلامة والأداء ، وهو الأصح.
والثالث : أنه إن خاف الفقر والكبر والضعف فلم يحج حتى مات يأثم ، وإن أدركته المنية فجأة قبل خوف الفوات لم يأثم ؛ لأن الحكم لغالب الظن (٢).
ثم على الوجه الذى يأثم : من أى وقت يأثم؟ قال بعضهم : بتأخير عن السّنة الأولى ، وقال بعضهم : بتأخير عن السنة الأخيرة ، وقال بعضهم : يأثم من حين تبين ورأى فى نفسه الضعف والعجز والكبر ، وقال بعضهم : يأثم فى الجملة لا فى وقت معين بل علمه إلى الله تعالى (٣) ، وهو أعلم.
__________________
(١) هداية السالك ١ / ٢٤٨ ، القرى (ص : ٦٢).
(٢) هداية السالك ١ / ٢٥٢.
(٣) هداية السالك ١ / ٢٥٢.