وكان ممن يشار إليه بالعلم والمعرفة ، فأضافتنا الطريق إلى الجبل ، وكنا جماعة ، فاستسقيناه ماء ولم يكن بالقرب ماء ، فأخذ ركوته ورمى بها إلى الجبل فسمعت خرير الماء بأذنى حتى امتلأت الركوة ، فسقى الجماعة ، وكانت عينى إلى الموضع فلا أرى للماء أثرا ولا شقا فى الجبل ، قال أبى : فسألت جعفرا عن هذا فقال : كرامة الله لأوليائه (١).
وعن أبى تراب النخشبى قال : كنت أنا وجماعة من أصحابى قد خرجنا من مكة فمضيت إلى طريق ومضوا على طريق ، وكان قد أصابنا جوع شديد ، فلما افترقنا صاد أصحابى ظبيا فذبحوه وشووه فلما جلسوا ليأكلوه إذا بنسر قد انقض عليهم واحتمل ربع الظبى ، قالوا : فأقبلنا ننظر إليه ولا نقدر عليه ، قال أبو تراب : فلما اجتمعنا بمكة قلت لهم : أى شىء كان خبركم بعدى؟ فأخبرونى بخبرهم وما كان من قصة الظبى ، فقلت لهم : إنى كنت سائرا فإذا بنسر قد ألقى إلىّ ربع ظبى مشوى فأكلت ، وكان أكلنا فى وقت واحد (٢).
وعن جعفر الخلدى قال سمعت إبراهيم الخواص (٣) يقول : إنى أعرف من طريق مكة ستة عشر طريقا منها طريقان طريق ذهب وطريق فضة (٤).
وعن علىّ بن محمد السروانى قال : سمعت إبراهيم الخواص يقول : سلكت البادية ستة عشر طريقا على غير الجادة فأعجب ما رأيت فيها رجلا ليس له يدان ولا رجلان وعليه من البلاء أمر عظيم وهو يزحف زحفا ، فتحيرت منه ، وسملت عليه فقال : وعليك السلام يا إبراهيم ، قال : فقلت له : فبما عرفتنى ولم ترنى قبلها؟ قال : الذى جاء بك عرّف بينى وبينك ، فقلت : صدقت ، إلى أين تريد؟ فقال : إلى مكة ، فقلت : من أين؟ قال : من بخارى ، فبقيت متعجبا أنظر إليه ، فنظر إلىّ شزرا وقال : يا إبراهيم تعجب من قوى يحمل ضعيفا ويرفق به؟! ثم
__________________
(١) الخبر فى : المنتظم ٥ / ١٦٢ ، حلية الأولياء ١٠ / ١٨٩ ، مثير الغرام (ص : ٤٠٨).
(٢) الخبر فى : صفوة الصفوة ٤ / ٣٢٧ ، ومثير الغرام الساكن (ص : ٤٠٨ ، ٤٠٩). وفى إسناده : أبو الحسن الصوفى ، ابن جهضم ، دجال من الدجاجلة.
(٣) هو : أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الخواص. (انظر ترجمته فى : حلية الأولياء ١٠ / ٣٢٥).
(٤) الخبر فى صفوة الصفوة ، ومثير الغرام (ص : ٤١٧).