فى ذكر الآيات التى نزلت فى حق الكعبة المعظمة ـ شرف الله تعالى قدرها ـ مع تفسيرها
فمنها قوله تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ)(١).
قوله : جعل بمعنى صير ، وقيل : بمعنى بيّن وحكم.
وقال مجاهد : سمى البيت كعبة لتربعها وظهورها ، ومنه الكاعب والكعب لنتوءه وخروجه من جانب القدم ، ومنه قيل للجارية إذا قاربت البلوغ وخرج ثديها : تكعّبت.
وقيل : لارتفاعها من الأرض. وأصلها من الخروج والارتفاع.
وسمى البيت الحرام ؛ لأن الله تعالى حرّمه وعظّمه وشرّفه وعظّم حرمته.
قوله : قياما أى : قواما لأمر الدين لما فيه من عصمة الإحرام. وقيل : صلاحا.
وقيل : أمنا.
وقوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً)(٢).
قوله : إن أول بيت وضع للناس : أى لعموم الناس ونسكهم ؛ يطوفون به ويصلون إليه ويعتكفون عنده.
للذى ببكة : يعنى الكعبة التى بناها إبراهيم صلوات الله عليه ، وقال مجاهد فى سبب نزولها : افتخر المسلمون واليهود فقالت اليهود : بيت المقدس أفضل من الكعبة ؛ لأنه مهاجر الأنبياء ، وفى الأرض المقدسة. وقال المسلمون : الكعبة أفضل. فنزلت هذه الآية ، حتى إذا بلغ (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) فقال المسلمون : ليس ذلك فى بيت المقدس (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً). وليس ذلك فى
__________________
(١) سورة المائدة : آية ٩٧.
(٢) سورة آل عمران : آية ٩٦.