(الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) : يعنى محمدا صلىاللهعليهوسلم.
(لَيْلاً) : أى فى جنح الليل.
(مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وهو : مسجد مكة. (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) : وهو مسجد بيت المقدس الذى بإيلياء ، وسمى أقصى لبعده عن المسجد الحرام ؛ ولأنه لم يكن وراءه مسجد ، وهو معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل صلوات الله عليه ولهذا اجتمعوا له هناك كلهم ؛ فإنهم فى محلتهم ودارهم ؛ فدل على أنه هو الإمام المعظم والرئيس المقدم صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
وقال صاحب الكشاف : (لَيْلاً) نصب على الظرف ، فإن قلت الإسراء لا يكون إلا ليلا فما معنى ذكر الليل؟ فإن أراد بقوله ليلا بلفظ التنكير تقليل مدة الإسراء ؛ فإنه أسرى به فى بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة ، وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية ، ويشهد لذلك قراءة عبد الله وحذيفة «من الليل» أى : بعض الليل ، كقوله : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ) يعنى الأمر بالقيام فى بعض الليل (١).
قال مقاتل : كانت ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة.
ويقال : إنه كان فى رجب. وقيل : كان فى شهر رمضان.
واعلم أن القول الأصح عند صاحب «المنتقى» أن المعراج كان فى ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة ، وكثير من أهل السير على أنه كان فى الليلة السابع والعشرين من رجب ، قبل الهجرة بسنة ، وعليه رأى النووى.
والأقوال كثيرة لأهل السير فى ذلك.
وقوله تعالى : (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) أى : فى الزروع والثمار والأشجار والأنهار.
وقيل : سماه مباركا ؛ لأنه مقر الأنبياء ومهبط الوحى والملائكة ، وقبلة الأنبياء قبل نبينا محمد صلىاللهعليهوسلم ، وإليه يحشر الخلق يوم القيامة كما يجىء بيانه فى القسم الثالث.
__________________
(١) تفسير الكشاف ٢ / ٤٣٧.