العصر كانت مطّردة على العهد النبويّ ، يُصلّيها هو صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يكن يدعهما سرّا ولا علانية ، وما تركهما حتى لقي الله تعالى ، وصلاّهما أصحابه إلى أن منع عنها عمر ، واحتجّت الصحابة عليه بأنّها سنّة ثابتة ، ولا تبديل لسنّة الله ، غير أنّ الرجل لم يَصِخ إلى قولهم ، وطفق يمضي وراء أحدوثته ، وجاء معاوية وقد زاد في الطنبور نغمة ، وعزا إلى رسول الله النهي عنهما ، وهل هذا مقتضى جهله بالسنّة ، أو مبلغه من الفقه والدين؟ فاسمع القول ، واقض بالحقّ لك أو عليك.
٥ ـ من عدّة طرق ، عن معاوية مرفوعاً : «من شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد فاجلدوه ، فإن عاد الرابعة فاقتلوه».
أخرجه (١) في (٤ / ٩٣ ، ٩٥ ، ٩٦ ، ٩٧ ، ١٠١).
قال الأميني : إنّي واقف هاهنا موقف التحيّر ، ولا أدري هل كان معاوية عاملاً بمفاد هذا الحديث يوماً من أيّامه إبّان خلافته وإمارته وقبلهما؟ أو كان يناقضه كمناقضته بكثير من الأحكام؟ ولئن كان خاضعاً لما فيه من الحكم الباتّ لما حملت إليه روايا الخمر قطاراً ، ولما حملها إليه خمّاره الذي كان يصاحبه ، ولا ادّخرها في حجرته ، ولا اتّخذ متجراً لبيعها ، ولا شربها هو ، ولا عربد بشعره فيها وهو سكران ، ولا قدّمها إلى وفوده ، ولا استخلف جروه السكّير بمرأى منه ومسمع ، ولا أضاع حدّ الله على من يشربها وينتشي بها وحديث معاوية هذا مع جودة سنده ، وإخراج مثل أحمد ، والترمذي ، وأبي داود إيّاه ، لم يأخذ به وبمفاده أحد من أئمّة الفقه ، وضربوا عنه صفحاً ، لتفرّد معاوية بروايته وهو لا يؤتمن على حديثه. هذا موقفه مع السنّة التي اتّخذها هو عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على قلّتها ، فما ظنّك بالكثير الذي لم يبلغه منها.
٦ ـ عن أبي إدريس قال : سمعت معاوية وكان قليل الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٥٦ ح ١٦٤٠٥ ، ص ٥٩ ح ١٦٤١٧ ، ص ٦٠ ح ١٦٤٢٧ ، ص ٦٣ ح ١٦٤٤٥ ، ص ٦٨ ح ١٦٤٨١.