رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إيّاه؟ أو أنّه ـ والعياذ بالله ـ لو كانت الوصيّة بخلاف ما سمعه منه صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ فهل كان يُتاح له أكثر وأشنع ممّا فعل؟
٩ ـ من غير طريق عن معاوية ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إذا أراد الله بعبد خيراً فقّهه في الدين» ، وفي لفظ : «من يُرد الله به خيراً يفقّهه في الدين». وفي بعض الألفاظ : وكان معاوية قلّما خطب إلاّ ذكر هذا الحديث في خطبته (١).
قال الأميني : كان من قضيّة هذا السماع ووعيه ، والإكثار من روايته حتى أنّه جاء مكرّراً في مسند أحمد ستّ عشرة مرّة ، وما كان يخطب معاوية إلاّ وذكره ، التأثّر (٢) بمفاده ، والتهالك في التفقّه في الدين ، والحرص على ما كان يسمعه أو يبلغه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مبادئ الفقه وغاياته ، فما هذا الذي قهقره عن ضبط ما هنالك من حكم وأحكام؟ وأبعده عن مستقى السنّة ذلك البون الشاسع ، الذي تركه أجهل خلق الله بأحكامه ، عدا ما خالفه وباينه ، من أحاديث كانت حجّة عليه ، بعيداً عن مغازيه وأعماله ، وعدا طفائف لا يعود العالم بها فقيهاً في دينه متبصّراً في أمره ، كلّ ذلك ينمّ عن أنّ الرجل لم يُرد الله به خيراً ولا فقّهه في دينه ، وليس ذلك من ابن هند ببعيد.
١٠ ـ من طريق محمد بن جبير بن مطعم يُحدّث : أنّه بلغ معاوية وهو عنده في وفد من قريش ، أنّ عبد الله بن عمرو بن العاص يحدّث أنّه سيكون ملك من قحطان ، فغضب معاوية ، فقام فأثنى على الله عزّ وجلّ بما هو أهله ، ثم قال : أمّا بعد : فإنّه بلغني أنّ رجالاً منكم يحدّثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أولئك جهّالكم ، فإيّاكم والأمانيّ التي تضلّ أهلها ، فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنّ هذا الأمر في قريش لا ينازعهم أحد إلاّ أكبّه الله على وجهه ما أقاموا الدين.
__________________
(١) مسند أحمد : ٥ / ٦٥ ح ١٦٤٦٠.
(٢) اسم كان مؤخر ، في قوله أوّل الفقرة : كان من قضية ...