محتويات متعدّدة بحسب اختلاف الموارد كاستعمال صيغة الامر والنهي في معان كثيرة. فان هذه المعاني ليست هي المدلول الاستعمالي للكلام ، ولا هي مجرد دواعٍ واغراض لاستعماله ـ كما اوضحناه في محله من علم الأصول وانما هي محتوى الكلام وباطنه.
واختلاف مفاد النفي علىٰ الانحاء السابقة وغيرها يرتبط بالعنصر المعنوي الكامن للكلام ـ كما هو واضح لوحدة العنصر الشكلي حسب الفرض وهو النفي ـ ومعرفة الضابط العام لتشخيص محتوى الكلام ، يتوقّف علىٰ التعرف المسبق علىٰ العوامل المختلفة التي تؤثر في تعيين محتواه وتحديده لكي يتم استخراج هذا الضابط علىٰ أساسها.
وذلك : لأَن تفسير الكلام في حدّ نفسه عملية معقدة لا تكفي فيها معرفة الجهات اللفظية من المفردات اللغوية والهيئات العامة فحسب علىٰ ما أشرنا إليه.
بل يمكن القول بأن العوامل اللفظية بالنسبة إلىٰ سائرالجهات المؤثرة في معنىٰ الكلام ، مثل ما يظهر من الجبل الثابت في البحر بالنسبة إلىٰ ما كان منه كامناً تحت الماء ، لان هذه العوامل لا تؤلف الا جزءً يسيراً من مجموع ما يؤثر في محتوى الكلام ، وان كانت ظاهرة اكثر من غيرها.
وسر ذلك : ان الكلام بما انه ظاهرة حية من الظواهر النفسية او الاجتماعية فانه يتفاعل بحسب محتواه مع جميع الملابسات التي تحيط به من محيط وشائعات واعراف وغير ذلك ، فاذا ما أريد تفسيركلام ما فلا بد من ملاحظة جميع الخصوصيات التي تقترن به من الأَطار الذي القي فيه ، ومن طبيعة الموضوع الذي يتحدّث عنه ، ومن الصفات النفسية للمتكلم والمخاطب ... فربما تختلف الكلمة الواحدة من زمان إلىٰ زمان او من موضوع إلىٰ موضوع أو من متكلم إلىٰ متكلم أو من مخاطب إلىٰ مخاطب.