الاصل في الامر والنهي ان يكون مولوياً ولا يحمل علىٰ الارشاد الا بقرينة. بل الصحيح هو العكس لان حمل الأَمر والنهي علىٰ الارشاد انما يكون وفق تناسبات ثابتة بحسب طبيعة الموضوع ، فلا يحتاج كونه للارشاد إلىٰ مؤونة زائدة ، وهذا بخلاف حمله علىٰ المولوية لأنّه إنّما يكون بموجب دلالة الاقتضاء بعد فقد سائر الجهات التي ترسم للكلام محتوى إرشادياً ، فهي في طول تلك الجهات المقتضية لإرشادية الإنشاء طبعاً.
ويلاحظ هنا : أنّه لا يفرق في استفادة الحكم المولوي من الصيغة في هذا الموضع بين ان تكون صيغة الانشاء من قبيل الامر والنهي او صيغة الاخبار من النفي والاثبات ، نعم استعمال صيغة الاخبار في هذا المجال تجوز لأنّه يخالف مفاده الاستعمالي ، وانما صحّح ذلك التناسب بين الاخبار عن وجود الشيء مع التسبيب اليه بالأَمر به ـ وكذلك التناسب بين الاخبار عن الانتفاء مع التسبيب إلىٰ ذلك بالنهي عنه ـ كما اوضحناه في البحث عن مدلول الجملة الخبرية في علم الأصول.
فهذا هو المحتوى العام للكلام في هذا الموضع.
( واما محتواه الخاص ) ـ بمورد الاثبات والنفي (١) ـ فهو تشريع اتخاذ الوسائل الاجرائية علىٰ اختلاف مراتبها ـ لتحقيق مقتضىٰ الحكم ـ فيما كان المورد مقتضياً لمثل هذا التشريع وهذه الوسائل كاِعمال القدرة في المنع عن الحرام أو الاكراه علىٰ فعل الواجب ، ويدخل في ذلك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو بما يتضمن ايقاع الضرر علىٰ الفاعل نفساً أو مالاً مع
__________________
(١) ووجه عدم اقتضاء الامر والنهي لذلك واضح لان مفادهما بالمطابقة اعتبار طلبي أو زجري فلا دلالة لهما علىٰ اكثر من ذلك وهذا بخلاف الاثبات والنفي فان مفادهما التسبيب إلىٰ الفعل أو الترك حتىٰ كأنهما متحققان فعلاً.
فيكون الاثبات والنفي منسجماً مع تشريع الوساثل الاجرائية أكثر من الأمر والنهي.