انشاءاً أو خبراً.
ففي الانشاء تتبدل الصيغة من اداة ايجابيّة بنَّاءة إلىٰ اداة هدم سلبيّة ـ حيث يكون محتواها سلب الحكم السابق فحسب ـ رغم ان عنصرها الشكلي يمثل معنىٰ ايجابياً من قبيل الطلب والزجر ، ولذلك يكون استعماله مجازياً يختلف فيه المراد التفهيمي عن المراد الاستعمالي.
لكن مصحح الاستعمال المذكور هو ان هدم الاعتبار السابق أو رفع توهمه ، يتيح المجال للعامل النفسي ويرفع العائق امام فاعليته ، فيخيل بذلك أن هذا الهدم أو الرفع هو العامل الفاعل للبعث والزجر ، وذلك من قبيل الامر بالاصطياد بعد تحريمه أوّلاً في حال الاحرام في قوله تعالىٰ : ( وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ) (١) فانّ هذا الأَمر ليس محتواه الا رفع التحريم السابق ، دون بناء حكم ايجابي ـ كما هو مقتضىٰ مدلوله ـ الا انه صحّ استعمال صيغة البعث لان هدم التحريم السابق يستتبع الانبعاث نحو الاصطياد بفاعلية العامل الطبيعي عند الانسان نحو الصيد ، فيكون استعمال صيغة الأمر في ذلك بلحاظ استتباع محتواه الهادم للانبعاث نحوه حتىٰ كانه العامل لذلك.
واما استعمال صيغة الاخبار في هذا الموضع فهو أيضاً استعمال مجازي ، لان مفاد صيغة النفي مثلاً هو مجرد الاخبار عن نفي وجود الطبيعة خارجاً ، لا سلب وجود حكم موجب لتحقّقها خارجاً لولا هذا النفي ، لكن صحّح ذلك أن سلب الحكم وان كان في الواقع مجرد عدم تسبيب إلىٰ وجود الطبيعة ، لكن حيث تكون الطبيعة مرغوباً عنها لذاتها ـ أو غير مرغوب اليها ـ الا علىٰ تقدير ثبوت هذا الحكم كان نفي الحكم في هذا السياق بمثابة التسبيب إلىٰ عدم تحقّق الطبيعة ، وبذلك صح نفيها خارجاً نفياً تنزيلياً.
__________________
(١) سورة المائدة ٥ / ٢.