من الحديث على ان يكون من قبيل نفي الحكم بلسان نفي موضوعه استعمالاً ، ويراد به تفهيماً نفي جواز الضرر في الشريعة الاسلامية ومدعى المعترض عليه هو دلالة الحديث على الحرمة سواءاً كانت مراداً استعمالياً أم تفهيمياً ، كما يظهر من آخر كلامه في المقام (١).
ان قيل : انه يعتبر في نفي شيء في الشريعة المقدّسة ثبوت الحكم المنفي للشيء مسبقاً كأن يثبت له في الشرائع السابقة كما في قوله عليهالسلام ( لا رهبانية في الإسلام ) فان الرهبانية كانت مشروعة في الامم السابقة فكان نفيها في الإسلام نفياً لمشروعيّتها ، والإضرار ليس كذلك ( فان حكمه السابق حيث لم يكن اباحة بل كان إمّا تحريماً أو قبيحاً على ما يستقلّ به العقل فارادة نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ينتج ضدّ المقصود وهو نفي الحرمة أو القبح الثابتين سابقاً ).
قيل : إن هذا البيان أوّلاً : منتقض بقوله ( لا مناجشة في الإسلام ) فانه لا اشكال في ان المراد نفي مشروعيتها مع أنها أيضاً قبيحة عقلاً. وقد ذكر الشيخ الأنصاري في المكاسب المحرمة بعد ذكر النجش انه يدل علىٰ قبحه العقل ، لأنّه غش وتلبيس واضرار ... فالنجش امّا منحصر بمورد الاضرار كما يظهر من المصباح المنير (٢) أو اعم من ذلك ، فكيف يوجّه نفي الحكم فيها بلسان نفي موضوعه مع أنّه قد ينتج ضد المقصود.
وثانياً : انه يمكن حل ذلك بملاحظة مجموع جهتين :
الأُولى : ان نفي الحكم بلسان نفي موضوعه لا يختص بما لو كان
__________________
(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ / ٥٢٦.
(٢) المصباح المنير ٢ : ٥٩٤.