والسرّ في هذا المعنىٰ : أن كل مقتن أو مؤلف أو شاعر لا محالة يجمع شتات ما يصدر منه مبادئ عامة سارية في مختلف آثاره تشترك فيها وتتسانخ بحسبها.
وقد نبّه علىٰ اعتبار هذا الشرط في حجيّة الخبر جملة من الروايات حيث اعتبرت في قبوله موافقة الكتاب والسنّة ، وأمرت بطرح ما خالفهما فإن المقصود بذلك علىٰ التفسير المختار لها ـ التوافق أو التخالف الروحي بينه وبينهما علىٰ ما تشهد به قرائن داخلية وخارجية ـ وإن كان المعروف تفسيرها بالتوافق أو التخالف في المؤدّىٰ ولنذكر بعض هذه الأخبار المستفيضة :
منها : ما عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : خطب النبيّ صلىاللهعليهوآله بمنىٰ ، فقال : ( يا أيها الناس ما جاءكم منّي يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله ) (١). ( ومنها ) : ما عنه عليهالسلام قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( إن علىٰ كل حق حقيقة وعلىٰ كل صواب نوراً فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فدعوه ) (٢). و ( الحقيقة ) هي : الراية والمعنىٰ أن علىٰ كلّ حق راية وعلىٰ كلّ صواب وضوح وراية الحق هي الموافقة مع القرآن الكريم. ( ومنها ) معتبرة أيوب بن الحرّ قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : ( كلّ حديث مردود إلىٰ الكتاب والسنّة وكل شيء لا يوافق كتاب الله فهو زخرف ) (٣) وغير ذلك.
ولو أريد بالتوافق في هذه الأخبار التوافق في المؤدىٰ علىٰ أن يكون مضمون الحديث مفاداً بإطلاق أو عموم كتابي لزم من ذلك عدم جواز الأخذ
__________________
(١) جامع احاديث الشيعة ١ / ٢٥٩ / ح ١٤٤.
(٢) جامع احاديث الشيعة ١ : ٢٥٧ / ٤٣٤.
(٣) جامع أحاديث الشيعة ١ : ٢٥٨ / ٤٣٥.