فعلى هذا التصور يشكل :
أوّلاً : بانه لا وجه لذكر ( على سفر ) لأَن ذكر السفر باعتبار انه حالة فقدان للماء فيغني عنه قوله : ( لَمْ تَجِدُوا مَاءً ) (١) بل مقتضى ذكر السفر في مقابل عدم وجدان الماء هو كونه موضوعاً لجواز التيمم بنفسه ولا ينبغي الشك في عدم كونه كذلك ، إلا ان يجعل ذكر السفر تمهيداً وتوطئة لذكر عدم الوجدان على ان يكون عدم الوجدان نتيجة له وهو خلاف الظاهر.
وثانياً : انه لا وجه لذكر بعض حالات الحدث الأَصغر من التخلي وملامسة النساء في القسم الثاني من الآية لان ذلك مذكور بنحو اعم في القسم الأَوّل منها ، فان التخلي يندرج تحت ( القيام إلى الصلاة ) لانه مشير إلى الحدث الأصغر وملامسة النساء يندرج تحت ( وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا ) (٢) فلا موجب لذكرهما في هذا القسم بالخصوص ، بل يكفي ذكر الاعذار التي هي نقطة تميّز بين القسمين ، فكان المناسب ان يقال في الشق الثاني ( وان كنتم مرضى أولم تجدوا ماءً فتيمموا ).
لكن لا يتجه الاشكال في شيء من الجهتين لما اوضحناه من الآية انما تتعرض للتقسيم بنحو آخر دون النحو المذكور ، وعلى ذاك النحو لا يرد شيء من الاشكالين.
اما الاول : فلان ( على سفر ) انما يرتبط بالقسم الأَوّل وهو من قام من النوم للصلاة وعدم وجدان الماء انما يرتبط بالقسم الثاني المذكور بقوله : ( أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم ) (٣) فإن ( فَلَمْ تَجِدُوا ) (٤) عطف علىٰ مدخول ( أو ) في هذه
__________________
(١) المائدة ٥ / ٦.
(٢) المائدة ٥ / ٦.
(٣) المائدة ٥ / ٦.
(٤) المائدة ٥ / ٦.