ولذا ورد ان غسل الحيض والجنابة واحد.
وهكذا يظهر أن مقتضى الآية فساد الوضوء والغسل في حالة كونهما ضرريّين.
وهناك تقرير آخر لدلالة الآية على هذا المعنى مبناه على القول بأن المراد بعدم وجدان الماء في الآية هو ما يعم كونه مضراً أو غير ميسر فيقال : ان التعبير بعدم وجدان الماء في حالة الضرر يدل على ان وجود الماء كأن لم يكن في هذه الحالة شرعاً ، ومقتضى ذلك عدم صحة الوضوء والغسل به فيها.
لكن المبنى المذكور ضيف لان اطلاق عام الوجدان في مورد المرض غير مناسب عرفاً فلا يقال مثلاً لمريض يضره استعمال الماء وهو على ضفة النهر انه غير واجد للماء كما هو واضح.
هذا وقد يعترض على التقرير الذي ذكرناه بوجوه :
الوجه الأَوّل : ان ظاهرالآية ان قوله : ( وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا ) (١) جملة واحدة مستقلة عما قبلها ، وعليه يكون مفادها اشتراط الامر بالتيمم في المريض والمسافر أيضاً بعدم وجدان الماء. فلو كان المريض واجداً للماء يجب عليه الوضوء والغسل.
وقد ذهب إلى ذلك بعض علماء العامة ، ففي الخلاف ( المجدور والمجروح وما اشبههما ممّن به مرض مخوف يجوز له التيمم مع وجود الماء وهو قول جميع الفقهاء الاّ طاووساً ومالكاً فانهما قالا يجب عليهما استعمال
__________________
(١) المائدة ٥ / ٦.