مشرع ومقنّن ـ وهذا المعنى كما يصدق في موارد جعل الحكم الذي يلزم منه الضرر ـ سواء كان وضعياً أو تكليفياً ، وسواء كان الزامياً أو غير الزامي كالترخيص في الدخول لمن له حق الاستطراق بغير استئذان على نحو يوجب ذهاب حق التعيش الحر بالنسبة إلى صاحب الدار ، كما في قضية سمرة بن جندب ـ فكذلك يصدق في حالة عدم جعل الحكم احياناً فيعدّ نفس عدم جعل الحكم ممّن بيده التشريع تسبيباً منه إلى الضرر.
مثلاً : اذا فرض أن الشارع منع الزوجة المعدمة من الاكتساب اذا كان على نحو ينافي حقوق زوجها وفرض عدم جعل وجوب الانفاق عليها ، فيعدّ نفس هذا تسبيباً منه إلى تضررها ، أو سلب حقّ التعيش مع الكرامة بالنسبة اليها. وكذلك لو فرض أنّه حرِّم إضرار بعض الناس ببعض تكليفاً ولم يجعل حكماً اجرائياً يخوّل للسلطة مكافحة الاضرار والمنع عنه خارجاً.
والحاصل : ان عدم جعل الحكم المانع عن الضرر يعدّ تسبيباً منه اليه بعد فرض كمال الشريعة كما يدل عليه قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (١) ويؤكده الروايات الدالة على انّه ما من واقعة الا ولها حكم (٢) وقوله صلىاللهعليهوآله ( يا ايها الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد امرتكم به ، وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة الاّ وقد نهيتكم عنه ) (٣) مضافاً إلى سلب حقّ التشريع عن غير الله تعالى.
وعليه فلا يقدح عدم صدق الحكم على مجرد عدم جعل الحكم بعد صدق التسبيب إلىٰ تحمل الضرر.
__________________
(١) المائدة ٥ / ٣.
(٢) جامع احاديث الشيعة ١ : ١٣٣ ـ ١٤٣ / ٣٠ ـ ٣٢.
(٣) ورد ذلك في صحيحة أبي حمزة الثمالي المذكورة في الوسائل ـ كتاب التجارة ـ أبواب مقدماتها ـ الباب ١٢ ج ١٧ : ٤٥ / ٢١٩٣٩.