لقوله ( لا ضرر ) يشمل به مثل المقام (١) وذلك بأحد وجهين :
احدهما : ان مقتضى الفقرة الأُولى عدم حرمة التصرف لكونه ضرراً على المالك ، ومقتضى الفقرة الثانية ـ وهي ( لا ضرار ) حرمة الاضرار بالغير على ما تقدّم بيانه ، فيقع التعارض بين الصدر والذيل فلا يمكن العمل باحدى الفقرتين.
ويرد عليه : انه ان قلنا بان ( لا ضرر ) حاكم على الأَحكام الوجودية كحرمة الاضرار المفادة ب ( لا ضرار ) فقط فلا معارضة بين الصدر والذيل لانه لا معارضة بين الدليل الحاكم والمحكوم ، ونتيجة ذلك الحكم بجواز التصرف المفروض لسقوط ( لا ضرار ) بكونه محكوماً. وان قلنا بانه حاكم على الأَحكام الوجودية والعدمية كما هو المختار فحيث انه لا يعقل حكومة ( لا ضرر ) على ( لا ضرار ) في المقام على ما تقدّم فلا مانع من التمسك بالفقرة الثانية ، وقد وافق هو على هذا المبنى ـ من حكومة لا ضرر بالنسبة إلى الاحكام العدمية ـ إلا انه ذكر انه لم يجد مثالاً يثبت فيه حكم بواسطة لا ضرر بنفي الحكم الوارد من جهة قاعدة ( لا ضرار ) وما ذكرنا لا يقتضي اثبات حكم بلا ضرر حتى يقال بان لسان ( لا ضرار ) هو لسان النفي لا لسان الإثبات بل إبقاء ( لا ضرار ) بلا حاكم عليه.
والوجه الثاني : ان حديث ( لا ضرر ) لا يشمل المقام لا صدراً ولا ذيلاً ، لكونه وارداً مورد الامتنان على الامة الاسلامية فلا يشمل مورداً يكون شموله له منافياً للامتنان ومن المعلوم ان حرمة التصرف في الملك بما يضر بالجار مخالف للامتنان على المالك ، والترخيص فيه خلاف الامتنان على الجار ، فلا يكون شيء منهما مشمولاً لحديث ( لا ضرر ). ثم قال ( وبما ذكرناه يظهر انه لا يمكن التمسك بحديث ( لا ضرر ) فيما كان ترك التصرف
__________________
(١) لاحظ مصباح الأصول ٢ / ٥٦٦.