والفارق بين هذه الاحتمالات انّه علىٰ الاحتمال الأخير لا يجب فرض ترابط بين مضمون الجملتين فإنّهما ـ علىٰ هذا الاحتمال ـ روايتان مختلفتان جمع الراوي بينهما في النقل.
وأمّا علىٰ الاحتمالين الأَولين حيث يكون الجمع من قبل النبي صلىاللهعليهوآله أو الامام عليهالسلام فلا بد من فرض ترابط بينهما في المفاد كما هو واضح فإنّه إذا كان الجمع من قبل النبي صلىاللهعليهوآله فلا بُدّ ان يفرض ان الجملة الثانية تتكفل لبيان حكمة تشريع الشفعة ، وكذا إذا كان الجمع من قبل الامام عليهالسلام فإنّه لا بُدّ ان يفرض ان اضافة الجملة الثانية جاءت بياناً لحكمة التشريع أو بغرض تأييد ثبوت الجملة الأولىٰ عن النبي صلىاللهعليهوآله بانسجامها مع القول المعروف عنه من انّه ( لا ضرر ولا ضرار ) من باب التطبيق لقاعدة الأخذ بشواهد الكتاب والسنة في تقويم الأَحاديث كما صرحت بذلك الأحاديث المروية عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام (١).
هذه هي الاحتمالات المتصورة. وأمّا الترجيح بين هذه الاحتمالات : فالظاهر ان اضعفها الاحتمال الاخير أي احتمال كون الجمع بين الجملتين من قبل الراوي ، إذ لو كان كذلك لكرّر كلمة ( قال ) مرتين عند نقله الجملة الثانية حتىٰ يقع قول النبي صلىاللهعليهوآله هذا مقولاً لقول آخر من الامام عليهالسلام ، فظاهر عدم تكرار لفظة ( قال ) ان قوله صلىاللهعليهوآله
__________________
(١) وقد عقد في الكافي ١ / ٥٥ باباً لذكر هذه الروايات كما فعل من قبله البرقي في المحاسن ، وقد بحث السيّد الاستاذ مد ظله عن مفاد هذه الاخبار في ابحاثه الاصولية في بحث حجية الخبر الواحد وتعارض الادلة الشرعيّة وانتهى إلىٰ تفسيرها بتفسير مختلف عن التفسير المتعارف لدى المتأخرين وهو انها تنيط اعتبار الحديث ـ وإن كان صحيحاً سنداً ـ بانسجام محتواه مع المبادئ الشرعيّة الثابتة بالكتاب والسنة وسيأتي لهذا توضيح في الفصل الثالث من هذا الكتاب.