الشرعي ، فلا معنىٰ للتمسك بسيرة المتشرعة.
ثم إنه قد يتوهّم ان مثل قوله عليهالسلام ( لا يحل مال امرئ مسلم الا بطيب نفسه ) يصلح ان يكون رادعاً عن البناء العقلائي في المتقدم فلا يمكن الاعتماد عليه بعد ثبوت الردع عنه من قبل الشارع المقدس ، ولكن هذا في غير محله ، لان قوله ( لا يحل مال امرئ ... الخ ) لا يتضمن بمنطوقه حكما تأسيسياً شرعياً ، لكي يؤخذ باطلاقه ـ لو توفرت مقدمات الحكمة ـ ، بل مفاده إمضاء ما بنى عليه العقلاء ، فيمتنع ان يكون رادعاً عن نفس هذا البناء في بعض حدوده.
هذا ثم انه لو فرضنا انه يحق للمالك منع الآخرين من الاستفادة من فضل ماء بئره ، وان النهي عن هذا المنع ـ في رواية عقبة بن خالد ـ نهي تنزيهي لا تحريمي ، ولكن لا مانع من تعليله ب ( لا ضرر ولا ضرار ) أيضاً علىٰ ان يكون ذلك في مستوىٰ الحكم الاخلاقي الاسلامي ، وهو انه ينبغي التحرز عن الاضرار بالغير المسلم كمنع فضل الماء عنه وعن مواشيه مع حاجتهم وعطشهم ، فيكون لهذا الحكم أي ( لا ضرر ) مستويان : مستوىٰ اخلاقي تمثل في حديث منع فضل الماء ، ومستوى الزامي وهو المراد به في حديث سمرة ونحوه ووحدة اللفظ لا تفرض وحدة المعنىٰ بعد قضاء القرائن خلافها.
هذا إذا كان الجمع بين النهي عن منع فضل الماء وبين قوله ( لا ضرر ولا ضرار ) قد صدر من النبي صلىاللهعليهوآله ، واما ان كان ذلك صادراً من قبل الامام عليهالسلام ، فبالامكان تخريج الارتباط بينهما علىٰ وجه آخر ، وهو قاعدة الأخذ بشواهد الكتاب والسنة ، بمعنىٰ الاستشهاد بالسنة الثابتة علىٰ صدق النقل ، ولا يقدح حينئذٍ عدم افادة ( لا ضرر ) للنهي التشريعي لكفاية التوافق الروحي والمبدئي بين الامرين في مثل ذلك كما