وسطوته ، وشدّة بأسه ، وإني إذا نظرت في أدلّتكم وجدتها واضحة قويَّة ، وإذا رأيت من مذهبكم سبّ أكابر أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخواصّه ، الذين سبقوا في الإسلام ، وكانوا من المقرَّبين عنده حتى تزوَّج بناتهم ، وزوَّجهم بناته ، ومدحهم الله في كتابه بقوله : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً ) (١) إلى آخر الآية ، فإذا رأيت ذلك نفرت نفسي ، وجزمت بفساد مذهبكم.
فقلت له : ليس في مذهبنا وجوب سبِّهم ، وإنَّما يسبُّهم عوام الناس المتعصِّبون ، وأمَّا علماؤنا فلم يقل أحد بوجوب سبِّهم ، وهذه كتبهم موجودة ، وأقسمت له أيماناً مغلَّظة بأنّه لو عاش أحد ألف سنة وهو يتديَّن بمذهب أهل البيت عليهمالسلام ويتولاَّهم ، ويتبرَّأ من أعدائهم ، ولم يسبَّ الصحابة قط ، لم يكن مخطئاً ، ولا في إيمانه قصور ، فتهلَّل وجهه ، وأنس بذلك ; لأنه صدَّقني فيه.
فقلت له : إذا ثبت عندك غزارة علم أهل البيت عليهمالسلام ، واجتهادهم ، وعدالتهم ، وترجيحهم على غيرهم ، فهم أولى بالاتّباع ، فتابعهم.
فقال : أشهد على أني متابع لهم ، ولكني لا أسبُّ الصحابة.
فقلت : لا تسبَّ أحداً منهم ، ولكن إذا اعتقدت عظم شأن أهل البيت عليهمالسلام عند الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم فما تقول فيمن عاداهم وآذاهم؟
فقال : أنا بريء منهم.
فقلت : هذا يكفيني منك ، فأشهد الله ورسوله وملائكته أنه محبٌّ لهم ومتابع ، وبريء من أعدائهم ، وطلب منّي كتاباً في فقههم ، فدفعت إليه النافع ،
__________________
١ ـ سورة الفتح ، الآية : ٢٩.