وتفرَّفنا.
ثم رأيته بعد ذلك في غضب وتكدُّر من التشيُّع ، بواسطة ما رسخ في قلبه من عظم شأن الصحابة ، واعتقاده أن الشيعة تسبُّهم.
فقلت له في ليلة أخرى : إن عاهدت الله على الإنصاف ، وكتم الأمر عليَّ ، بيَّنت لك أمر السبِّ ، فعاهد الله على ذلك ما دمت حيّاً بأيمان مغلَّظة ، ونذور مؤكَّدة ، وسألته : ما تقول في الصحابة الذين قتلوا عثمان؟
فقال : إن ذلك وقع باجتهادهم ، وإنهم غير مأثومين ، وقد صرَّح أصحابنا بذلك.
فقلت : وما تقول في عائشة وطلحة والزبير وأتباعهم ، الذين حاربوا عليّاً عليهالسلام يوم الجمل ، وقتل في حربهم من الفريقين نحو ستة عشر ألفاً؟ وما تقول في معاوية وأصحابه ، الذين حاربوا في صفّين ، وقتل من الفريقين ( نحو ) ستين ألفاً؟
فقال : كالأول.
فقلت : هل جواز الاجتهاد مقرٌّ على فرقة من المسلمين دون فرقة؟
قال : لا ، كل أحد له صلاحيَّة الاجتهاد.
فقلت : إذا جاز الاجتهاد في قتل أكابر الصحابة ، وقتل خلفاء المؤمنين ، وحرب أخي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وابن عمّه ، وزوج فاطمة سيِّدة نساء العالمين ، أعلم الخلق ، وأزهدهم ، وأقربهم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووارث علمه ، الذي قام الإسلام بسيفه ، ومن أثنى عليه الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بما لا يمكن إنكاره ، حتى جعله الله وليَّ الناس كافّة بقوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ ) (١) يعني
__________________
١ ـ سورة المائدة ، الآية : ٥٥.