تخلُّفهما.
فقلت : هذا خطأ محض ، فإن الاجتهاد إنما يجوز في مسألة لا نصَّ فيها ، ولا يجوز مقابل النصّ بإجماع علماء الإسلام ، وقد قال الله تعالى : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ) (١) فاجتهادهما هذا ردٌّ على الله وعلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهل يتصوَّر مسلم أنهما أعلم بصلاح المسلمين من الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! ما هذا ( إلاَّ ) العمى عن الحقّ ، والتلبُّس بالشبهات.
فقال : أمهلني حتى أنظر.
فقلت : قد أمهلتك إلى يوم القيامة ، ثمَّ ذكرت له ـ بعد ذلك ـ حديث الحوض ، وهو ما رواه في الجمع بين الصحيحين للحميدي ، في الحديث الحادي والثلاثين بعد المائة ، من المتفق عليه من مسند أنس بن مالك ، قال : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ليردن عليَّ الحوض رجال ممن صاحبني ، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إليَّ رؤوسهم اختلجوا ، فأقولن : أي ربِّ! أصحابي! فيقال لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (٢).
ورواه أيضاً في الجمع بين الصحيحين من مسند ابن عباس بلفظ آخر ، والمعنى متفق ، وفي آخره زيادة : إنهم لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم (٣).
__________________
١ ـ سورة النجم ، الآية : ٣ ـ ٤.
٢ ـ مسند أبي يعلى الموصلي : ٧ / ٣٤ ـ ٣٥ ح ٣٩٤٢ ، المصنّف ، ابن أبي شيبة : ٧ / ٤١٥ ح ٣٥ ، مسند أحمد بن حنبل : ٥ / ٤٨ و ٥٠ ، تأريخ دمشق ، ابن عساكر : ٣٦ / ٨ ، فتح الباري ، ابن حجر : ١١ / ٣٣٣ ، كنز العمال ، المتقي الهندي ١٣ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ح ٣٦٧١٤ ، تفسير القرطبي : ٦ / ٣٧٧.
٣ ـ مسند أحمد بن حنبل : ١ / ٢٣٥ ، السنن الكبرى ، النسائي : ١ / ٦٦٨ ـ ٦٦٩ ح ٢٢١٤ ، المعجم الأوسط ، الطبراني : ٣ / ١٨٦.